15 سبتمبر 2025

تسجيل

فراشات رونالدو

13 يوليو 2016

من المؤكد أن كرة القدم ورثت حقل الأساطير السابق، لتبني أسطورتها الخاصة في الحقل ذاته، بوصفها شكل الحرب الملائم لجمهور لا ينتظر مؤرّخين، وبرغم حروب الشرق الحزين الدامية، فإنها لا تصمد أمام ما وصلت إليه ثقافة الحرب الجديدة بوقائعها وأيّامها وأبطالها ومؤرّخيها وشعرائها (المعلّقين). حروب أوروبا التي أفسدت الدراما الرمضانية هذا العام؛ فدراما يورو 2016 هذا العام، كانت كفيلة باستدرار دموع المشاهدين وهم يودعون أبطالهم في مشهد "القتل الرمزي" حين غادر إبراهيموفيتش ونيستا ومودريتش حلقات المسلسل المثير. ولأنّ الأسطورة وجع تراجيدي في المقام الأوّل؛ فإنّ حظّ لاعب البرتغال كريستيانو رونالدو يذكرنا بحظّ آخيل في حرب طروادة حين بصّرته أمّه بنهايتين: السلامة، أو الموت مقابل الخلود، فقد كان اللاعب أمام إكمال المباراة "سالمًا" والخسارة المتوقّعة، أو الإصابة والظفر بالكأس. كان آخيل الجديد قد خرج بإصابة مشابهة لسلفه الإغريقي. ولكنّ المشهد الآسر الذي استأثر بالاهتمام هو تلك الفراشة التي حطّت على جبهته. كان اللاعب في ذروة حزنه عندما أصيب، لعدم المشاركة، وكانت الفراشة تقول له شيئًا، وكأنها تنقل إليه البشارة، هكذا تكتمل ثيمات الأسطورة في وجدان الغاوي الجديد، فمشهد الحشرات في الملعب الفرنسي كان حديث المهتمين، كما حدث في افتتاحيات كأس العالم للشباب في الرياض 1989 حين حطّت أسراب حمام (مشاركة في عرض الافتتاح) أرض الملعب.تلك فراشات العاشق، سيقول قرّاء الأدب، وهم يتذكرون مائة عام من العزلة لماركيز، وهم يتذكرون فراشات العاشق التي تلاحقه طيلة ذلك الفصل الحميم في الرواية "العبقرية" الفراشات التي هي دليل الموت إلى العاشق. هنا الموت "رمزي" في رواية يورو 2016، والجميع تابع بأسى المحفّة تحمل البطل في مشهد جنائزي مهيب، حتى مدرّب فريق الخصم، وأدّى الجميع واجب الاحترام للبطل.ولكنّ البطل يعود ليحمل كأس البطولة (الخلود) في ملحمة الكرة التي تبدّل أبطالها مثلما تبّدل الطبيعة أثوابها بين فصل وفصل؛ ففي عالم الميديا ثمة نهر لا يتوقف من الصور بحسب ريجيس دوبريه.