19 سبتمبر 2025
تسجيلكان بعض السلف يقول في مناجاته: إذا سئم الباطلون من بطالتهم فلن يسأم محبك من مناجاتك وذِكرك. وقال أبو جعفر المحولي: ولي الله المحب لله لا يخلو قلبه من ذكر ربه ولا يسأم من خدمته. وقد ذكرنا قول عائشة: ("كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه") والمعنى في حال قيامه ومشيه وقعوده واضطجاعه، وسواء كان على طهارة أو على حدث. وقال مسعر: (كانت دواب البحر في البحر تسكن ويوسف عليه السلام في السجن لا يسكن عن ذكر الله)، وكان لأبي هريرة خيط فيه ألف عقدة فلا ينام حتى يسبح به. وكان خالد ابن معدان يسبح كل يوم أربعين ألف تسبيحة سوى ما يقرأ من القرآن، فلما مات وضع على سريره ليغسل فجعل يشير بإصبعه يحركها بالتسبيح. وقيل لعمير بن هانئ: مانرى لسانك يفتر فكم تسبح كل يوم؟ قال مائه ألف تسبيحة إلا أن تخطئ الأصابع: يعني أنه يعد ذلك بأصابعه. وقال عبدالعزيز أبو رواد: كانت عندنا امرأه بمكة تسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحه فماتت، فلما بلغت القبر اختلست من أيدي الرجال. وكان الحسن البصري كثيرا ما يقول: إذا لم يحدّث ولم يكن له شغل سبحان الله العظيم، فذكر ذلك لبعض فقهاء مكة، فقال: إن صاحبكم لفقيه ما قالها أحد سبع مرات إلا بني له بيت في الجنة. وكان عامة كلام ابن سيرين: سبحان الله العظيم. سبحان الله وبحمده. وكان المغيرة بن حكيم الصنعاني إذا هدأت العيون نزل إلى البحر وقام في الماء ويذكر الله مع دواب البحر. نام بعضهم عند إبراهيم بن أدهم قال: فكنت لما استيقظت من الليل وجدته يذكر الله فأغتم ثم أعزّي نفسي بهذه الآية – { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء } - المحب اسم محبوبه لا يغيب عن قلبه. فلو كلف أن ينسى ذكره لما قدر، لو كلف أن يكف عن ذكره بلسانه لما صبر. كيف ينسى المحب ذكر حبيب اسمه في فؤاده مكتوب- كان بلال كلما عذبه المشركون في الرمضاء على التوحيد يقول: أحد أحد، فإذا قالوا له قل واللات والعزى، قال: لاأحسنه. يراد من القلب نسيانكم وتأبى الطباع على الناقل - كلما قويت المعرفة صار الذكر يجري على لسان الذاكر من غير كلفة حتى كان بعضهم يجري على لسانه في منامه الله الله، ولهذا يلهم أهل الجنة التسبيح كما يلهمون النفس، وتصير لا إله إلا الله لهم كالماء البارد لأهل الدنيا. - إذا سمع المحب ذكر اسم حبيبه من غيره زاد طربه وتضاعف قلقه. قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن مسعود (" اقرأ علي القران، قال: اقرأ عليك وعليك أنزِل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأ عليه ففاضت عيناه"). سمع الشبلي قائلا يقول: يا الله يا جواد فاضطرب.