11 سبتمبر 2025

تسجيل

لعلكم تتقون (2)

13 يوليو 2014

لا زال الحديث يمتد حول حقيقة التقوى ومن ذلك ما قاله معروف الكرخي- رحمــــــه الله -: ( كيف يكون متقياً من لا يدري ما يتقي؟ ) ثم وضح ذلك فقال : ( إذا كنت لا تحسن تتقي أكلت الربا ، وإذا كنت لا تحسن تتقي ولقيتك امرأة لم تغض بصرك وإذا كنت لا تحسن تتقي وضعت سيفك على عاتقك ) ، يا لله ! كم من جرائر وجرائم نقع فيها لأننا لم نتزود من التقوى التي منطلقها كما قال علي -رضي الله عنه -: ( الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل ) ، وكم نخدع أنفسنا حين نظن أن التقوى هي مجرد الصيام بالنهار والقيام بالليل مع حصول التجاوزات وهذا ما ينبهنا له عمر بن عبد العزيز -رحمه الله عليه - في قوله : ( ليس تقوى الله بصيام النهار وقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك ) وكأنه يشير إلى أحوالنا ففينا من يصوم ويقوم ولكنه يأكل الربا ، ويغتاب وفينا من تصوم وتقوم ولكنها تتبرج وتتخاصم مع الزوج والجارات ، ثم يقول ولكن تقوى الله فعل ما أمر وترك ما نهى عنه وزجر فمن زاد بعد ذلك شيئاً فذلك خير إلى خير، وأصل التقوى أن يعلم ما يتقى ثم يتقى ، والصـــوم مدرسة تربي الروح وتقوي الإرادة وتدرب على التقوى ،لأن من ترك الحلال لله سوف يترك الحرام من باب أولى، كما أن الصائم يسارع في تنفيذ الأوامر ويسابق إلى الطاعات والمساجد ويكثر من الصدقات ويسارع إلى الخيرات، ومن أراد أن يتقي الله فليراع الأعضاء الخمسة فإنها الأصول فيحفظ : العين ، والأذن ، واللسان والقلب ، والبطن . وكيف يتقي الله من لا يتورع عن أكل الحرام ، وتمام التقوى أن يتقي من مثقال ذرة وحتى يترك ما يرى أنه حلال، خشية أن يوصله إلى الحرام فيترك الربا والريبة ويترك ما يهوى لما يخشى، ويوقن بقلبه بقرب ربه فيراقبه في سره وعلانيته ، ويحمله كل ذلك إلى البعد عن كل ما يغضب ربه ومولاه والتقي ينتبه ويحذر ويشمر كالذي يمشي في الأشواك ، قال الشاعــــر : خل الذنوب صغــيرها وكبيرها ذاك التــــــقى واصنع كماشٍ فوق أرض الشوك يحذر ما يرى لا تحقـــرن صغيرة إن الجبـــال من الحصـــــى وهذه وصيتي لكم إخوتي بتقوى الله، فإن الواعظين بها كثير والعاملين بها قليل ، جعلني الله وإياكم من المتقين. خبير شرعي بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.