14 سبتمبر 2025
تسجيلمضى الحديث في أسباب الفتور حتى وصلنا إلى السبب التاسع وهو: التقصير في حق البدن.وهذا كثيرا ما يحدث خاصة للجادين من طلبة العلم، حيث إنهم وبسبب ضخامة الأعباء وكثرة الواجبات: ينفقون كل ما يملكون من جهد ووقت وطاقة في سبيل خدمة هذا الدين، ضانين على أنفسهم بقليل الراحة والترويح فهؤلاء وأمثالهم، تأتى عليهم أوقات يفترون عن العمل لا محالة. ولعل هذا هو سر تأكيده -صلى الله عليه وسلم- على حق البدن مهما تكن الأعذار والمبررات إذ يقول: "إن لربك عليك حقا، وإن لنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه"، وفي رواية أخرى: "فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا" عدم الاستعداد لمواجهة معوقات الطريق: ذلك أننا نجد بعض العاملين يبدءون السير في الطريق دون أن يقفوا على معوقاته، من زوجة أو ولد، أو إقبال دنيا، أو امتحان، أو ابتلاء، أو نحو ذلك، وبالتالي لا يأخذون أهبتهم، ولا استعدادهم، وقد يحدث أن يصدموا أثناء السير بهذه المعوقات، أو ببعضها، فإذا هم يعجزون عن مواجهتها، فيفترون عن العمل إما بالكسل والتراخي، وإما بالوقوف والانقطاع.وهذا سر تنبيه القرآن الكريم، وتحذيراته المتكررة من معوقات الطريق إذ يقول سبحانه: { يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم، وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم، إنما أموالكم وأولادكم فتنة وإن الله عنده أجر عظيم }، { واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة }، { ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب...}، { ألم * أحَسِبَ الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين }، { ولنبلونَّكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم }.إن السالك إلى الله ينبغي ألا ينقطع عن الحياة، فليس في الدين رهبانية ولا عزلة، وكما أن للروح حقًا فللبدن حق وللأهل حق وللزور حق، وينبغي أن يراعي قسمة العدل في ذلك.رمضان بين التخلية والتحلية(9) أشواك ومخاطر مرت بنا تسعة أسباب تدعو جميعها إلى الفتور، وهي: 1- الغلو والتشدد في الدين.2- السرف ومجاوزة الحد في تعاطي المباحات.3- مفارقة الجماعة.4- قلة تذكر الموت والدار الآخرة. 5 - التقصير في عمل اليوم والليلة. 6 - دخول جوفه شيء محرم أو به شبهة.7 - اقتصار العامل على جانب واحد من جوانب الدين.8 - الغفلة عن سنن الله في الكون والحياة.9 - التقصير في حق البدن بسبب ضخامة الأعباء وكثرة الواجبات وقلة العاملينوأما السبب العاشر فهو: عدم الاستعداد لمواجهة معوقات الطريق: الطريق إلى الله ليس معبدا بالورد كما يقال بل فيه أشواك وأهوال ومخاطر، ولابد للسالك أن يعلم ذلك، ولا يشترط أن تكون المعوقات خارجية، بل أحيانا تكون داخلية، أحيانا تكون في زوجة أو ولد، أو إقبال دنيا، أو امتحان، أو ابتلاء، أو نحو ذلك، بعض السالكين إلى الله لا يهتمون بذلك، وربما يرون أن انشغالهم بالدعوة كفيل أن يصلح كل أحوالهم، فإذا ما وقع ما هربوا منه أو لم يتوقعوه؛ إذا بهم يعجزون عن مواجهته، فيفترون عن العمل إما بالكسل والتراخي، وإما بالوقوف والانقطاع.وهذا سر تنبيه القرآن الكريم، وتحذيراته المتكررة من معوقات الطريق إذ يقول سبحانه: { يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم إنما أموالكم وأولادكم فتنة وإن الله عنده أجر عظيم }، { واعلموا إنما أموالكم وأولادكم فتنة }، { ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب... }، { ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين }، { ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم }.نأتي إلى السبب الحادي عشر وهو: صحبة ذوى الإرادات الضعيفة والهمم الدانية: فقد يحدث أن يصحب العامل نفرا ممن لهم ذيوع وشهرة، وحين يقترب منهم ويعايشهم يراهم خاوين فاترين في العمل، كالطبل الأجوف، فإن مضى معهم عدوه -كما يعدي الصحيحَ الأجربُ- بالفتور والكسل.وهذا هو سر تأكيده صلى الله عليه وسلم على ضرورة انتقاء واصطفاء الصاحب، إذ يقول: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم إلى من يخالل).