12 سبتمبر 2025

تسجيل

روائي في جامعة

13 مايو 2012

في الأسبوع الماضي، وبمبادرة سخية، من الزميلة الكاتبة، الدكتورة نورة فرج، استضافتني كلية التربية والعلوم، بجامعة قطر، للتحدث عن تجربتي في الكتابة الروائية أمام الطالبات، وعدد من أستاذة الجامعة، في واحدة من الندوات التي تدخل ضمن النشاط الثقافي للجامعة. بداية أقر بأنني برغم وجودي المكثف في ندوات كثيرة في لوطن العربي، إلا أنها المرة الأولى التي أستضاف فيها في جامعة، وبالتالي كانت تجربة جديدة ومميزة، وأحسب أنها من التجارب التي ينبغي لكل كاتب أن يمر بها، فطلاب الجامعة هم قراء أيضا، سوى لمناهج الدراسة التي تقرر عليهم، أو للكتب الإبداعية وغير الإبداعية التي يقتنونها لتطوير مهاراتهم والاستفادة منها إن كان بينهم موهوبون، ينوون أن يطرقوا ذلك الدرب. شهادتي كانت مختصرة، وتحدثت فيها عن عوالمي التي أكتبها، وطقوسي في الكتابة، ومنابع الوحي التي أستقي منها، وهي شهادة روتينية توجد لدى كل منشغل بالأدب، ويود أو يطالب أحيانا أن يضيء شيئا من انشغاله، لدى قراء يعرفونه أو لا يعرفونه ويودون لو عرفوا شيئا عنه. حقيقة شعرت بوجود تجاوب كبير، وجاءني عدد غير قليل من الطالبات وبعض الطلاب الحاضرين، يسألون عن كيفية أن يصبحوا كتابا، ومن أين يبدأون إذا أرادوا ذلك. وبالطبع لم تكن لدي إجابات شافية، لأن من يكتب لا يعرف أصلا متى كتب، وأي أدوات استخدم، ولماذا كتب؟. هي إيحاءات غالبا ما تأتي في الصغر، حين يكتشف أحدهم فجأة وبلا أي مقدمات، أنه كتب أو رسم أو نحت، أو ذهب إلى إحدى الفرق المسرحية، وقام بأداء أدوار خلابة. وقد ظهرت في الآونة الأخيرة، برامج ممولة من محطات فضائية، مهمتها اكتشاف الموهوبين، وإبرازهم لأنفسهم أولا، ثم للعالم بعد ذلك، وأعتقد أنها فكرة جيدة، أن تختصر على ذوي الموهبة الحقيقية، دربا وعرا قد يسيرون فيه بلا هدى، إن لم يجدوا الأضواء التي ترشدهم. وقد أخبرتني طالبة، أنها تكتب ولا تعرف إن كان ما تكتبه، جديرا بأن يراه الناس أم لا؟، وكان ردي أن تقتنع أولا بكتابتها، وفي تلك اللحظة، يمكنها أن تنشر ما كتبت. في نفس الندوة، أسعدني الصديق الناقد الكبير، الدكتور أحمد درويش، أستاذ الأدب بالجامعة، بدراسة عميقة وشيقة لروايتي العطر الفرنسي التي صدرت منذ عدة أعوام، وكانت دراسته من المفاتيح الفاعلة في إضاءتها، تناولت مسألتين مهمتين، لم يتناولهما أحد من قبل، وهما استخدام الخيال، في صنع واقع مواز، يعيش فيه بطل الرواية باعتباره واقعه الحقيقي، ويمضي معه حتى لحظة جنونه، وثانيا استخدام حاسة الشم في وصف الأشياء وتناولها. وهاتان النقطتان بالفعل كانتا من مفاصل الرواية المهمة. أخيرا، شكري العميق لجامعة قطر، وللزميلة الدكتورة نورة، وللأصدقاء الأساتذة الذين حضروا، وكل الحاضرين من طالبات وطلاب، ويقينا أنني استمتعت بالتجربة، واعتبرتها من الخطوات المهمة في حياتي الكتابية.