12 سبتمبر 2025
تسجيلللكلمة لسان تخاطب صاحبها كما تخاطب غيره، وربما قالت له: دعني. أي: لا تنطق بي لأنك لا تدري إذا خرجت من فمك الآن ما أجره عليك من البلاء والوباء.الكلمة سلاح ذو حدين: إما أن تكون معك أو عليك، حتى في أحلك المواقف وأشدها لها تأثيرها في تخفيف المصاب أو تضخيمه حسب التعاطي معها.ولله در المتنبي حين قال:لا خَيْل عِندَكَ تُهْديهَا وَلا مالُ *** فَليُسْعِدِ النُّطْقُ إنْ لم تُسعِدِ الحالوالمعنى الظاهر من البيت إذا لم تستطع أن تساعد لعجزك، فيمكنك أن تسعد الغير بلفظك، وقول المتنبي قريب من قول يزيد المهلبي:إن يعجز الدهر كفي جزاءكمُ**** فإنني بالهوى والشكر مجتهدُإن بعض الناس يتفاهم مع الآخرين بالكلمات الصادقة، والآخر كأن في فمه مطرقة من حديد لا يحسن إلا توجيه اللكمات إلى الغير، بقصد أو بدون قصد! وقديما قالوا: من لم يستطع وزن كلماته فليحتمل من خصمه لكماته، إذ قد يخطئ المرء بكلمة لا تجد عند الآخر محملاً فتكون اللكمة أسبق إليه من الكلمة.ولو انتبه ونظر إلى لسانه وما جعله الله عليه من أقفال متتابعة: أولها العقل وثانيها الأضراس وثالثها الشفاه؛ لعلم أن هيئة الخلقة توجب عليه التريث في القول والتأني في الخطاب ومراجعة ما يقال قبل أن يقال. ولله در من قال: أنا على رد ما لم أقل أقدر مني على رد ما قلت. وأجود منه قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (والله الذي لا إله إلا هو ما من شيء أحوج إلى طول سجن من لسان).أبان النبي صلى الله عليه وسلم عن خطورة الكلمة بقوله:(إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار سبعين خريفاً). وبين صلى الله عليه وسلم أنه ضامن الجنة لمن حافظ على اثنين من أعضائه فقال (من يتكفل لي بما بين لحييه ورجليه أتكفل له بالجنة).ومن أجمل ما قاله بعض المعاصرين: إن الكلمات الجميلة تؤدي إلى معان ونتائج طيبة تحتاج إلى التأمل، وتؤدي أيضاً إلى مزيد من تأكيد أهمية وخطورة الكلمة.أما الكلمات السائبة فإنها تؤدي إلى نتائج خائبة، وهذه معادلة صحيحة، أي أن الكلمات السائبة التي لا اهتمام بها ولا ضبط لها فإنها في غالب الأمر تؤدي إلى نتائج خائبة. ومخرج كلمة الخير والشر واحد والمفتاح بيدك، فتأمل ماذا تقول.