13 سبتمبر 2025
تسجيلالريانُ لم يهبطْ وحدَه وإنما هبطتْ معه أنديةٌ جماهيريةٌ عدَّةٌ رغم بقائها في دوري الدرجةِ الأولى. فالهبوطُ ليس في الدرجةِ وإنما في الفاعليةِ والتأثيرِ والحضورِ في قلوبِ الجماهيرِ التي تعيش حالةً من الانفصالِ عن الأنديةِ بعدما فقدتْ الشعورَ بالانتماءِ النفسيِّ لها مع تكرارِ مآسي التراجعِ والبحثِ عن مجردِ التواجدِ على الساحةِ الكرويةِ.نتحدثُ عن كرةٍ قطريةٍ، ويُصرُّ أعضاءُ إداراتِ الأنديةِ على الحديثِ عن شيءٍ آخرَ يتصلُ باستمرارِ وجودِ نفسِ الوجوهِ في المرحلةِ القادمةِ، وكأنَّ الأنديةَ تؤدي دوراً في ظهورِهِـم الإعلاميِّ وتَضخيمِ الأنا في نفوسِـهِـم، في حين أنَّهم انْتُخبوا للعملِ على تضخيمِ أسمائِها، وتفعيلِ أداءِ فرقِـها، وتقويةِ القواعدَ الجماهيريةِ لها. وكان الأحرى بهم ألَّا يُظهِـروا مشاعرَ الفرحةِ والرضا عن الذاتِ لمجرد بقاء أنديتِـهم في الدرجةِ الأولى، فهو بقاءٌ اسميٌّ لا تأثيرَ له، بل إنه كالشاهدِ الزورِ الذي يُقسمُ كذباً لنُصرةِ قضيةِ لا شرعيةَ لها. هؤلاء الإداريون، الذين وصلَ كثيرون منهم إلى مرحلةٍ عُـمريةٍ بعيدةٍ عن روحِ الشبابِ وفاعليتِـه، عليهم إفساحُ الطريقِ أمام الشبابِ القطريِّ الكفءِ الـمُؤهَّـلِ مَعرفياً وعلمياً وعملياً، ليمارسَ دورَه في النهوضِ بالأنديةِ والحركةِ الرياضيةِ. ولسنا بحاجةٍ لتصريحاتِهم الرنانةِ الـمُعتادة.كم مؤلمٌ هذا الحالُ الذي وصلَ إليه العربي والغرافة وقطر والوكرة، هذه الأنديةُ الكبيرةُ بتاريخها وجماهيرِها، حين صارَ أعظمُ مُناها أن تبقى في الدرجةِ الأولى، لا لأنها تُنافسُ بحقٍّ، وإنما لأنَّ أنديةً أخرى كانت أشدُّ منها سوءاً إدارياً وفنياً. ولنأخذِ الغرافةَ مثالاً، فأنا من جيلٍ شَـهِـدَ عهدَ صُنْـعِ القاعدةِ الجماهيريةِ له، وتابعَ انتصاراتهِ وإحرازَهُ البطولاتِ لحدِّ أنه صارَ هاجساً مخيفاً للأنديةِ الأخرى. وها هو، اليوم، قانعٌ بالحلولِ في الـمرتبةِ الثامنة. ونفسُ التوصيفِ الـمأساوي، ينطبقُ على العربي وقطر والوكرة والخور، التي شهدتْ ضموراً هائلاً في جماهيريتِـها لا تنفعُ معه مشاعرُ الفرحةِ والاطمئنانِ التي ترتسمُ على وجوه إدارييها، ويملأُ رنينُها تصريحاتِـهم.ولأننا نتحدثُ عن واقعٍ كرويٍّ وطنيٍّ عامٍّ، فلابد لنا من مطالبةِ لخويا والجيش بالخروجِ من حالةِ النادي القائمِ على فريقٍ أولَ للقدمِ إلى رحاب الـمجتمعِ، بحيثُ يسعيان لتأسيسِ قواعدَ للفئاتِ السنيةِ عِـمادُها الـمواطنونَ، إلى جانبِ الاهتمامِ باللعباتِ الأخرى، فذلك هو الـمَسارُ الصحيحُ الذي يُبعدهُما عن دائرةِ الحضورِ الكبيرِ فنياً الضعيفِ جماهيرياً، وسيَقيهما الانتقاداتِ الـمعتادةِ كالقولِ بأنَّ عددَ الـمترجمينَ فيهما يساوي عددَ اللاعبين.ومن نفسِ الـمُنطَلَقِ الوطنيِّ، نتوجَّـهُ إلى ناديي الشمال والشحانيةِ، فنطالبُهما بأنْ يكونَ صعودَهما للدرجةِ الأولى منطلقاً لترسيخِ تواجدِهما كناديين منافسين، من خلالِ الاستثمارِ السليمِ لإمكاناتِـهِما، والتوظيفِ الأمثل لطاقاتِ وكفاءاتِ لاعبيهما. الحديثُ الواقعيُّ، هو الذي يُشيرُ إلى الأسبابِ ويطالبُ بحلولٍ، ولذلك نقولُ إنَّ الـمسؤولَ الأولَ عن تراجعِ وانحدارِ مستوياتِ أنديتِـنا الجماهيريةِ هو الإداراتُ التي لا هَـمَّ لها إلا الاستمرار في البقاءِ رغم إدراكِـها لوجوب رحيلِ معظمِ أعضائها. وهذا يدفعُنا ثانيةً للتأكيدِ على أنَّ القضيةَ ليست هبوط الريانِ وإنما ما قادَ إلى هذا الهبوطِ من أسبابٍ، وما رافقَـهُ من وضوحِ الصورةِ التي بَـيَّـنَـتْ هبوطَ آخرين معه .