14 سبتمبر 2025
تسجيلاليوم وبعد ستة أشهر من الحرب يستقبل الفلسطينيون في قطاع غزة المدمر رمضان هذا العام، في ظل ظروف قاسية جدا، بين الأنقاض، في الاحياء المدمرة، وتحت ركام المباني والبيوت وفي الخيام. للمرة الأولى يمر على الفلسطينيين شهر رمضان في هذه الظروف الصعبة من الحصار والابادة الجماعية، والعديد من العائلات التي تشردت بلا مأوى، بالإضافة الى معاناتهم في قطاع غزة من شح الأغذية والماء، وشبح المجاعة والعطش يحوم حول النازحين. ونتيجة لذلك التصعيد المستمر يأتي سوء التغذية والجفاف الذي يعاني منه أطفال غزة، مما يؤدي الى استشهادهم في المستشفيات، نتيجة شح الأدوية والأغذية، بالفعل انها كارثة إنسانية لم تمر على العالم في هذا العصر. فقد اختفت مظاهر الاحتفال والزينة بالشهر الفضيل نتيجة تدهور الوضع الإنساني، وحلت التوابيت محل الفوانيس الرمضانية. ورغم معاناتهم ونقص الكثير من الأساسيات، يحاول الأطفال في غزة استقبال الشهر الكريم بوسائل زينة بدائية لإدخال السرور والفرح على من حولهم، كأسلاك أو صحون بلاستيكية. وكما يقول الشاعر محمود درويش «ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا اليها سبيلا». بالفعل انها وحشية الاحتلال الإسرائيلي التي لا تفرق أبدا بين صغير أو شاب أو شيخ كبير. بلا شك لرمضان خصوصية مختلفة عن بقية الاحد عشر شهرا الأخرى. تجتمع العائلات في غزة على سفرة رمضان، ويفرح الجميع باللقاء الرمضاني، ولكن اليوم هي ناقصة بسبب استشهاد بعض منهم، أو نزوح البعض، أو جرحى.. تفرقت العائلات بسبب القتل والتدمير، تحديدا، كما أنها فارغة، الا من أرغفة لا تسد الجوع، ولكنها محاولات للبقاء على قيد الحياة، وما يعينهم على الصيام. فكيف؟ وعلى ماذا سيفطر أهل غزة اليوم وفي هذا النقص الحاد؟ رمضان أهل غزة هذا العام جوع، وعطش ودموع وحزن. وفي ظل هذه الظروف وانعدام الكهرباء والغاز يضطر الكثير لتحضير الطعام على الحطب، وغياب الكثير من السلع الضرورية، ويواجه الكثير من النازحين برغم كل المآسي أيضا ارتفاع الأسعار للمواد الغذائية الأساسية التي لا تفرق بين أحد فالكل يريد أن يعيش. وليس النازحون في المخيمات أفضل حالا منهم فيستقبلون رمضان في الخيام في العراء، والتي صنعت من اقمشة بسيطة، وقد تكون مهترئة، الاف النازحين في مخيمات تفتقر للكثير من مقومات الحياة. ومع استمرار الغطرسة الوحشية الإسرائيلية، واستمرار منع دخول المواد والمساعدات الإنسانية الإغاثية عبر المعابر البرية والبحرية. وحتى المساعدات الجوية، أضحت هي أيضا قاتلة حيث إنها قتلت خمس فلسطينيين. انهم ليسوا مجرد أرقام إنما كانوا ينتظرون أن يعيشوا هذه الحياة ويكتبوا حكاياتهم. أضف لذلك القيود في الصلاة في المسجد الأقصى من خلال منع الشباب من الصلاة بحجة الأسباب الأمنية، ومنع الاشتباكات بينهم وقوات الاحتلال الاسرائيلي. وبدورها تأتي المنظمات الدولية وحقوق الانسان لتحذر من كوارث إنسانية نتيجة الحصار الذي نتج عنه المرض والجوع والعطش. وبرغم المحاولات الدولية المستمرة من قطر ودول أخرى للتهدئة أو الوصول الى هدنة، ووقف إطلاق النار ووقف الغارات الإسرائيلية، لإدخال المساعدات عن طريق المعابر البرية، ولكنها باءت بالفشل. في ظل استمرار الحرب والحصار والابادة الجماعية على أهالي غزة الأبرياء. من أين لنا كمسلمين أن نهنأ بالفرح بالشهر الفضيل وغزة تعاني وتجاهد كي تعيش هذه الحياة؟ ختاما فان الدعاء هو جند الله الذي لا يهزم، فاللهم ان الأرض أرضك والجند جندك، والأمر أمرك، اللهم اكتب لأهلنا في غزة في هذا الشهر الكريم العزة والتمكين والنصر والتحرير... كل هذا وبيني وبينكم.