12 ديسمبر 2025
تسجيل(قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولاً) تَغَنى العرب قديماً بالمعلم وسُطّرِت أبيات الشعر في أهمية مكانته العلمية والمجتمعية، ولهذا شُبهَ بالرسول لما يقدمه من خدمة جليلة للمجتمع ويساهم في نشأة جيل متعلم وواعٍ ومثقف وقادر على إدارة المستقبل وخدمة البلد في شتى قطاعات سوق العمل مستقبلاً، وإلى سنوات قريبة كانت مهنة التعليم طموح الخريجات لما للمهنة من امتيازات مادية وإجازات طويلة، ناهيك عن شرف المساهمة في بناء الأجيال وتأهيل القيادات، ولكن المشكلة التي كانت وزادت حالياً هي عزوف الشباب المواطن عن مهنة التدريس، بل حتى بعض البنات ابتعدن عن مجال التدريس وتفضيل مهن أخرى حتى وإن كانت خريجة في كلية التربية، فلماذا هذا العزوف عن مهنة التدريس؟. أجرت صحيفة الشرق قبل فترة تحقيقاً عن عزوف الشباب عن المهنة، وقد أتفق الأغلبية على عدة عوامل، أهمها قلة الحوافز والرواتب، المشقة في التحضير والأعباء اليومية، عدم التقدير والاحترام من الطلبة مؤخراً، النظرة الدونية للمهنة بالنسبة للرجل، قد تكون تلك الأسباب مقنعة فعلاً إلا أنها يجب أن تُعالج قبل أن يختفي الرجل المواطن في هذه المهنة نهائياً، فليس من المعقول أن يعزف الشباب عن مهنة مهمة مثل التدريس، خاصة أن الشاب المواطن أقدر على فهم احتياجات الطلاب والتفاهم معهم، لأنه من نفس بيئتهم ومجتمعهم، ونلاحظ مؤخراً أن التنمر زاد بين الطلاب البنين على بعض، ووصل إلى المدرسين، فالبعض يتطاول على المدرس مما يستدعي تدخل الأهل، وفي هذه الحالة تقف إدارة المدرسة مع الطالب مما يسبب تقوية شوكة الطالب وإضعاف هيبة المدرس، فتبدأ مشاكل سلوكية أخرى بين الطلبة ويبدأ استهتارهم ويفقد المعلم السيطرة عليهم!. نظام التعليم القديم، الذي يعتمد على التلقين أصبح لا يتناسب مع الجيل الحديث الذي تجذبه شبكات التواصل الاجتماعي ومنفتح على البحث في الإنترنت وطرق التدريس، وعليه لابد من إعادة إستراتيجية طرق التدريس، خاصة بعد تجربة التعليم عن بُعد ونجاحها في فترة جائحة فيروس كورونا "كوفيد - 19"، وهذا يعني أن كل الطرق والوسائل قابلة للتغير والاستبدال لما يحفظ كرامة المعلم ويعزز تعليم الطالب واحترامه للمعلم. عندما كُنّا صغاراً كُنّا نرى المدرسين بعين الإعجاب لقدرتهم على حفظ كل تلك المعلومات، ولأن لديهم إجابة على كل أسئلتنا، وكُنا نعمل حساباً للمعلم بل ونخجل منه إن صادفناه في أروقة المدارس أو المناسبات الاجتماعية لما له من هيبة وتقدير، وكانت إدارة المدرسة تقوم بتعزيز ذلك في الطلبة ولا تسمح بإهانة المعلم مهما كان، وتحاول معالجة المشاكل بوجود الأخصائيين الاجتماعيين وبزيارات الأهل، ولكن ما نسّمعه مؤخراً عن علاقة المعلم بالطالب أصبح مُقلقاً وبحاجة إلى دراسة قبل الاهتمام بطرق التدريس والمنهج، فالمعلم يقضي نصف يومه مع الطلبة ولابد من استخدام الأدوات الحديثة في التعامل فيما بينهم والابتعاد عن الصورة النمطية المخيفة المملة للمدرس ليأخذ دور الصديق أو الأخ الأكبر ويحاول تَفهّم نفسيات الطلاب المختلفة، واعتقد أن المدرسين بشكل عام بحاجة إلى دورات إرشادية ونفسية تُمكنهم من التعامل مع طلبة العصر الحالي الأكثر جرأة وانفتاحاً على الثقافات الأخرى والاستفادة منهم في عملية التدريس ليكونوا جزءاً من عملية التعليم. ومن ناحية أخرى لابد من تحفيز الشباب القطريين على الانخراط في سلك التدريس بتوعية الطلاب في المراحل الدراسية الأخيرة وإدراجهم في ورش تدريبية تشجعهم على اختيار مهنة التعليم وإظهار الجانب الإيجابي والجليل منها أسوة بباقي المهن، مثل مهنة الطبيب أو المهندس وغيرهما، مع زيادة الامتيازات الوظيفية للمدرس مما يشجع الشباب على امتهان التدريس من ناحية، ومن ناحية أخرى لتقدير عمل المدرس الذي يحتاج إلى جهد في حفظ المنهج وتحضيره والتفكير في تطوير الوسائل الإرشادية بشكل مستمر مما يُشكل عبئاً عليه. • يحتفل العالم في الخامس من شهر أكتوبر بيوم المعلم العالمي، وهذا دليل على أهمية المعلم وعليه يجب أن تُسّلط وزارة التربية والتعليم الضوء على إنجازات المعلمين وتخلق جواً من التمّيز في هذا اليوم يصل للطلبة والمجتمع مما يعكس أهمية هذه المهنة. • ضرورة تكاتف المؤسسات التعليمية مع وسائل الإعلام ونشطاء المجتمع في تغيير الصورة النمطية عن المعلم بين أفراد المجتمع خاصة الشاب، لإبراز دورهم وأهمية المهنة وامتيازاتها ليُقبل عليها الشباب. [email protected] @amalabdulmalik