14 سبتمبر 2025
تسجيللقد كان السلف الصالح يحملون همّ الإخلاص قبل أي يعمل ينون القيام به، هذا أبو هريرة رضي الله عنه كان إذا حدث بحديث الثلاثة الذين أول من تسعر بهم النار يغشى عليه خوفا ووجلا أن يكون واحدا منهم . وكان سفيان بن عيينة رحمه الله يقول: (ما عالجت شيئاً أشد عليَّ من نيّتي أنها تتقلب عليَّ) وكان بعضهم إذا قيل له حدثنا، قال: لا.. حتى تأتي النية. وقال بعضهم: وددتُ أن عبادتي بيني وبين الله، لا تراها عين. فانتبه لنيتك، وتفقد سريرتك واعلم {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:11]. حينها أبشر بالتوفيق إذا وطنت نفسك على الإخلاص: {إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ} ومن أمارات هذا الإخلاص ودلائله وعلاماته المشهورة أن تجد نفسك زاهداً في الدنيا، كثير الطمع في الآخرة، فلا تبحث عن سمعة، ولا تبحث عن رياء، ولا تلتمس رضوان أحد غير الله جل جلاله. تصبر وتكافح وتجاهد في طلب الإخلاص، لا تنثني لك عزيمة، ولا تنكسر لك شوكة، ولا تصرف وجهك عن الوجهة التي علمت فيها رضوان الله العظيم حتى تبلغ غايتك التي تريدها وتنشدها. يروى أن معاوية رضي الله عنه لما بلغه حديث أول من تسعر بهم جهنم المجاهد والعالم وقارئ القرآن الذين أقاموه للناس لا لله ،بكى حتى أغمي عليه, فلما أفاق قال: صدق الله ورسوله؛ قال الله عز وجل: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ}. ولما كان الإخلاص بهذه المنزلة التي تقدم وصفها ،جاء الشرع المطهر في الحث عليه والترغيب فيه وبيان فضله في آيات كثيرة وأحاديث عديدة, من ذلك قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ}, وقوله: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}, وقوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّه} الآية.. وقوله: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, لا شَرِيكَ لَه} (الأنعام: الآية 162- 163), وقوله: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدا} (الكهف: من الآية110), وقوله: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي} (الزمر:14). ومن الأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله لأصحابه في غزوة تبوك: "إن بالمدينة رجالا ما سرتم سيرا, ولا قطعتم واديا إلاّ كانوا معكم حبسهم المرض" وفي رواية: "إلاّ شاركوكم في الأجر" متفق عليه ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم" رواه مسلم.