16 سبتمبر 2025

تسجيل

مواجهة تحدي سوق العمل في السعودية

13 مارس 2011

تشكل ظاهرة إيجاد فرص عمل مناسبة للمواطنين تحديا جوهريا في السعودية، لكن ما يبعث على الاطمئنان هو إصرار السلطات للبحث عن بدائل لمواجهة هذه المعضلة حديثا فقط، جرى الحديث حول توفير فرص عمل مناسبة للعمالة المحلية في قطاع التجزئة والذي يعد من القطاعات الواعدة بالنسبة لسوق العمل، حيث من المتوقع مضاعفة فرص العمل فيه من مليون في العام 2010 إلى نحو مليونين في غضون بحلول العام 2020. وفي هذا الصدد، يمكن تفهم مقترح زيادة الرسوم على الشركات التي توظف عمالة أجنبية ومن ثم توظيف العائد لتدريب وتأهيل العمالة المحلية للعمل في هذا القطاع، وهذه هي السياسة التي اتبعتها البحرين خلال السنوات القليلة الماضية ضمن إجراءات تعزيز فرص العمل للمواطنين في القطاع الخاص. ارتفاع نسبة البطالةحقيقة القول، تتميز السعودية بين دول مجلس التعاون الخليجي بنشر أرقام دقيقة حول واقع سوق العمل بما في ذلك البطالة وهي مسألة تستحق الإشادة لأنها تعبر عن الرغبة في إيجاد حلول للتحدي، فحسب الإحصاءات الرسمية، ارتفعت نسبة البطالة في أوساط العمالة السعودية الباحثة عن العمل من 10 في المائة إلى 10.5 في المئة ما بين شهر أغسطس من 2008 و2009، ورغم ذلك، لا يزال هذا الرقم أقل من نسبة 11 في المائة والتي تعود للعام 2007. في التفاصيل، ارتفع عدد العاطلين المسجلين في السجلات الرسمية من 416350 إلى 448547 فردا في الفترة موضع البحث وهي مسألة مزعجة بكل تأكيد.يعتقد بأن أحد الأسباب الرئيسة وراء المشكلة يعود بالضرورة إلى تعزيز البطالة في أوساط الإناث، فقد كشفت الأرقام الرسمية، بأن نسبة البطالة في أوساط الإناث قد ارتفعت من 26.9 في المائة في أغسطس 2008 إلى 28.4 في المائة في نفس الشهر من العام 2009 الأمر الذي يفسر بشكل رئيس لغز ارتفاع نسبة البطالة. في المقارنة، بقيت نسبة البطالة في أوساط الذكور أقل من 7 في المئة في الفترة المشار إليها. حقيقة القول، لا تشكل انتشار البطالة في أوساط الإناث في السعودية مفاجأة للمراقبين، إذ يأتي ذلك في سياق ما هو مشهور في دول مجلس التعاون، بدليل تشكيل الإناث نحو 80 في المائة المئة من مجموع العاطلين في البحرين، كل هذا في الوقت الذي شكلن فيه الإناث حوالي 16.5 في المائة فقط من قوة العمل السعودية في النصف الثاني من 2009. طاقات شبابية معطلة كما أظهرت الإحصاءات الرسمية بأن الفئات العمرية الشابة تشكل السواد الأعظم من العاطلين في السعودية الأمر الذي يعد أمرا مقلقا، وبشكل أكثر تحديدا، تتركز البطالة السعودية في الفئة العمرية ما بين 20 إلى 24 سنة يمثلون فيما بينهم 43 في المئة من العاطلين، وبينت الإحصاءات أن غالبية العاطلين من الذكور وتحديدا 47 في المائة هم من الفئة العمرية 20 حتى 24 سنة، وفيما يخص الإناث، لوحظ بأن 46 في المئة من العاطلات هن من الفئة العمرية 25 إلى 29 سنة. مؤكدا، يخسر الاقتصاد السعودي ربما الكثير بسبب انتشار البطالة في أوساط الشباب أي من الفئة العمرية الأكثر قدرة على العطاء والمساهمة بشكل بناء في التنمية، بيد أنه ليس من السهل تحديد قيمة مالية لهذه الخسائر لكنها ليست بقليلة في كل الأحوال، يتمتع الشباب بالقدرة على الإنتاجية لأسباب مختلفة منها تسلحهم بآخر ما توصل إليه العلم الحديث بما في ذلك تقنية المعلومات. بل يشكل العاطلون تهديدا للسلم الاجتماعي خصوصا إذا ما أصابهم اليأس والإحباط بالحصول على فرص لتحقيق مآربهم الوظيفية، نقول ذلك بعد أن تبين بأن الشباب العاطل شكلوا الجانب الأهم من المشاركين في الاحتجاجات التي جربتها البحرين وعمان مؤخرا والتي بقيت تتفاعل حتى كتابة هذه السطور.الخطط التنموية تشكل الأرقام الأخيرة للبطالة تحديا لأهداف الخطة التنموية الثامنة للفترة ما بين 2004 حتى 2009. فقد افترضت هذه الخطة تراجع نسبة البطالة من 7 في المئة في العام 2004 إلى 2.8 في المئة مع نهاية العام 2009. كما توقعت أن لا يزيد عدد العاطلين (أي الباحثين عن الوظائف) عن 139 ألف في العام 2009. بيد أنه تشير الإحصاءات الأخيرة إلى فشل تحقيق الأهداف المرجوة بالنسبة لمعضلة البطالة في الخطة التنموية الثامنة، على أمل تنفيذها ضمن الخطة التنموية التاسعة والتي تمتد للفترة ما بين 2010 و2014. من جملة الأمور، تتميز الخطة التنموية التاسعة بتخصيص أكثر من نصف مخصصاتها للإنفاق على القوى العاملة والتعليم والتدريب، وبشكل أكثر تحديدا، تم تخصيص 50.6 في المئة من النفقات لقطاع تنمية الموارد البشرية و19 في المئة لقطاع التنمية الاجتماعية والصحة فضلا عن 15.7 في المئة لقطاع تنمية الموارد الاقتصادية و7.7 في المئة لقطاع النقل والاتصالات إضافة إلى 7 في المئة لقطاع الخدمات البلدية والإسكان. نظرة مستقبلية المطلوب من السلطات العمل بشكل مثمر لإيجاد حل لمعضلة البطالة في البلاد بالنظر للإحصاءات السكانية، حيث يشكل السكان دون 15 عاما نحو 30 في المئة من السكان، حيث من المتوقع دخول أعداد كبيرة منهم لسوق العمل في السنوات القادمة بحثا عن فرص عمل مناسبة وهم محقون بذلك.ختاما، يشكل العاطلون طاقات غير مستخدمة الأمر الذي يقلل من فرص التنمية للاقتصاد السعودي. كما تبقى التنمية الاقتصادية قاصرة في حال عدم توفيرها سبل العيش الكريم أي فرص الحصول على وظائف تتناسب ومتطلبات الشباب من حيث نوعية وظروف العمل والعائد وفرص الترقية والتخطيط الوظيفي.