11 سبتمبر 2025
تسجيلفي معرض الكتاب الأخير وقفت على ديوان شعري لأحد الشعراء العرب الشباب الجدد الذين حققوا نجاحاً في الأمسيات التي وصلنا شيء منها عبر أفلام قصيرة. طلب البائع سعراً مضاعفاً ولم أجد الرغبة في مفاصلته، رغم أني بذلت في ثمن كتب أخرى السعر ذاته، وقد تكررت حادثة مشابهة رواها صديق آخر عن شاعر شاب آخر أدهشنا حضوره قبل سنوات. فما الذي يجعلنا نتخوّف من قراءة شعراء مدهشين وجدوا طريقاً إلى الجمهور؟يقال إن حافظ إبراهيم كان يجيد إلقاء الشعر أكثر من زميله أمير الشعراء أحمد شوقي، فكانا إذا اشتركا في أمسية تفوّق حافظ، ولكنّ الجمهور في اليوم التالي وعند قراءة القصيدتين في الصحف كان يرجّح كفّة شوقي. لا أملك دليلاً على صحّة الواقعة التي سمعتها من أدباء مصريين، ولكنها تشير إلى ما أقول، وهو أنّ ثمة فرقاً بين نصوص تتوجه إلى أذن المتلقّي، وأخرى تتوجّه إلى عينيه، وعبر مسيرة الشعر الطويلة، تقدّم المكتوب (المستحدث) على المسموع، وتراجع الشفاهي لصالح المكتوب مرةً أخرى عندما دارت آلات المطابع فتنشأ مواعين نشر ورقية غير الكتاب، ومع الجريدة والمجلّة كانت قراءة جديدة تتكرّس، وأشكال جديدة من الكتابة تولد، مع الهزّة التي أحدثتها التغيّرات التي طرأت على القصيدة ذاتها، بولادة قصيدتي التفعيلة والنثر على نحوٍ متواتر.لكن شعراءَ كثيرين ظلّوا يولون أهمية للمنبر والجمهور، فأولوا أهمية لتقنية الإلقاء وبرع في ذلك كثير منهم، وباتوا نجوم الملتقيات والمهرجانات، وضيوفاً مرغوبين عند المنظّمين، وحقّقت نصوصهم في مواقع (اليوتيوب) مثلاً مشاهدات يعجز الوسيط الورقي عن تحقيق مثلها، فالنصوص التي تنشرها صحف تطبع 10000 نسخة أو ديوان ينشر 1000نسخة لا يمكن مقارنتها بمليون مشاهدة في اليوتيوب.ورغم كلّ هذا، لا يجد القراء فضولاً لقراءة أثر مكتوب لنجوم القصيدة الجديدة، مفضّلاً قراءة آثار أخرى، تغني عوالم القراءة. وما زال طريق القصيدة متعثراً.