31 أكتوبر 2025
تسجيل(لا تتبرع بلحظاتك؛ كي تبرع فيها أكثر) لم تكن هذه الكلمات التي بدأت بها مقالي مجرد كلمات طلت علي مع شمس هذا الصباح الذي قضم يومي قضمته الأولى، ولكنها نصيحة بلغتني من الأعماق، حين بدأت بتأمل كل ما هو حولي كما جرت العادة، وتفقد ما كان مني ضمن مراجعة سريعة اعتدت على أن تكون مني؛ كي أتفحص شريط أعمالي وأحاسب فيها نفسي، فأشكرها على خير ما كان منها من خير، وأوجهها فيما يتعلق بتلك الأخطاء التي سبق وأن كانت منها من قبل، والحق أنها خطوة أعتمد عليها كثيراً؛ كي أتمكن من إدراك يومي وأنا أكثر نشاطاً وإقبالاً عليه، وهو تماماً ما أريده للجميع، إذ لا أجمل من بداية يغمرها النشاط الحقيقي، الذي يجعلنا نخوض تفاصيل يومنا الجديد ونحن أكثر حرصاً على الاستمتاع بكل ما فيه مهما كانت ظروفه، التي قد تحمل لنا من المفاجآت ما تحمل.إن النصيحة التي خرجت بها لكم هذا اليوم من أعماق أعماقي تستحق أن تُعرَف، وكي تفعل فهي بحاجة لأن تحقق الغرض الأساسي منها، وهو ما سيكون إن تم إدراكها وبشكل سليم منذ البداية؛ لذا يتوجب علي توضيح أركانها هذه النصيحة التي جاء فيها: 1-(لا تتبرع بلحظاتك) والقصد من هذه الكلمات التي جاءت في الشق الأول: أن لحظات حياتك هي ملكية خاصة جداً لا حق للآخرين في التصرف فيها كما يحلو لهم؛ لأنها وكما ذكرت ملكيتك الخاصة ووحدك صاحب القرار الأول والأخير بكل ما يتعلق بها، وبما أنك كذلك فإن ما يخرج منك أو يدخل إليك يعتمد عليك؛ لذا فلتفكر ملياً بكل ذلك، خاصة ما يخرج منك بصورة تبرعات تجود بها وتحسب أنك ستكسب منها الكثير في حين أنها وإن أمعنت النظر فيها لن تفعل، فأنت وحين تقرر التبرع بلحظات قد توجهها نحو مسارات مختلفة تماماً، يمكن أن تكون قد قررت التبرع بها لأمورلا طائل منها ولا فائدة، والحديث عن تبرعك للحظات توجهها نحو التفكير بنجاحات غيرك (وبشكل حاقد) يشغلك عنك، ويصرف انتباهك وتركيزك؛ لتجد أن من حولك قد تقدم بخطوات واثقة بينما تظل أنت حيث أنت؛ بسبب تبرعك السخي لكل ما لن يعود بنفعه عليك، ولن يضيف لك ولكنه سيأخذ منك الكثير كلما سمحت له أن يكون. 2-(كي تبرع فيها أكثر)، والقصد من هذا الطلب في الشق الثاني من النصيحة: هو أنك وإن التزمت بالشق الأول ولم تتبرع بلحظاتك لأمور لن تصل معها إلى (المكان الذي تريده حيث التفوق والتميز)، فإنك ستمنح ذاتك مساحة كافية من التركيز على كل ما لديك؛ لتبرع فيه وبشكل رائع ستدركه متى جعلت ذاتك على (رأس هرم اهتماماتك) وتركت الخلق للخالق، دون أن تتدخل في شؤونهم بعقد مقارنات تجعلك تحقد عليهم في كل مرة أكثر من المرات التي تسبقها؛ لتجد ذاتك وفي نهاية المطاف وسط وحل ستغيب بسببه ملامحك الجميلة، التي كان من الممكن بأن تتباهى بها أمام الجميع، من الناس من يشغل نفسه كل الوقت بنجاح غيره وبشكل يغلب عليه الحقد من كل حدب وصوب، فتجده يخلق عالماً خاصاً فقط؛ كي يدرك الكيفية التي يعيش بها غريمه، ثم يتمادى على إنسانيته، يتجرأ على ضميره، ويبدأ بوضع العراقيل والعقبات من أمامه؛ ليضمن تأخره (أي ذاك الغريم) ووقوعه دون أن يدرك بأنه يفعل ذات الأمر لذاته، فهو وبانشغاله بتدمير الآخرين يدمر فرصته وحقه من التفوق؛ ليصل حيث لا يجدر به أن يكون، ولكنه المكان الذي كرس لحظاته؛ كي يصل إليه بأفعاله، التي كان من الممكن بأن يُوجهها نحو الأفضل فيدرك الأفضل.أعداء النجاححين تدرك ما تريد فعله، فيكفيك أن تلتزم بذلك كخطوة أولية تنطلق بها نحو أحلامك التي تود تحقيقها؛ لذا ومتى فعلت فلا تلتفت أبداً للحاقدين ممن سيحرصون على طعنك من الخلف حيث هم، ولكن تابع وأنت في الصفوف الأمامية بثقة هائلة ستستمدها من إيمانك بالله، الذي سيعطيك بقدر ما يشاء وتستحق فعلاً، وبإذنه -تعالى- ستجد نفسك حيث تريد وكما تريد أيضاً. وأخيراً: فلتتذكر أن كل ما عليك فعله إضافة لكل ما سبق هو التالي: حاول وكرر محاولاتك دون أن تستسلم أبداً، ولتستمتع بكل ما تقوم به؛ لأنك وإن فعلت فلن تسمح للمعاناة بأن تشاركك لحظاتك الجميلة، التي تحتاج لأن تبرع فيها أكثر.