29 سبتمبر 2025
تسجيلفي مقال سابق في الشرق، كتبت تحت عنوان "الإبراهيمي والحل السياسي" عن عدم الجدوى من الكلام في أمور بعيدة كل البعد عن الواقع ومطالب الثورة السورية، خاصة أن الحل واضح ولا يحتاج إلى أي تفصيل، وقد تمنيت من السيد الأخضر الإبراهيمي، المبعوث العربي الدولي الخاص إلى سوريا، أن يلامس مكان الجرح مباشرة بدلاً من الإشارة إليه، لأن العلاج يكمن في ملامسته وإن كان ذلك مؤلماً وخطيراً، فخطورته لن تكون أكثر ضرراً مما يحدث على الأرض حالياً، كما أن الكلام الدبلوماسي لن يُغيّر من الواقع شيئاً ولن يحل أي أزمة.ما دعاني للكتابة مرّة أخرى هو ما تردد عن إرسال السيد الإبراهيمي تقريراً للسيد بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، بشأن المستجدات والأحداث الأخيرة في الأزمة السورية، وقد انتقد في تقريره خطاب الأسد الذي ألقاه يوم الأحد الماضي ووصفه بأنه خطوة للخلف، وأنه لا يوفر البيئة المناسبة لمهمته، ولا يتماشى مع محدداته التي اقترحها مؤخراً للحل السياسي للأزمة، وأشارت المصادر إلى خيبة أمل السيد بان كي مون لرفض الأسد في خطابه إجراء محادثات سلام مع خصومه.ما قاله الأسد في خطابه لا جديد فيه، باستثناء اعترافه الضمني المتأخر بوجود ثورة في بلده، وإصراره على مواجهة أبناء شعبه بالقوة والقتل والتشريد، وعليهم أن يبدأوا هم التوقف عن القتل والعمل الإرهابي لتُبادر القوات السورية الباسلة بإيقاف عمليات دفاعها عن أرض الوطن!!.أهم ما في الموضوع أن السيد الإبراهيمي بدأ يلامس الجرح وإن كان ذلك متأخراً، لكن أن تأتي متأخراً أفضل من ألا تأتي أبداً، نعم أيها المبعوث العربي والدولي، خطاب الأسد خطوة للوراء، بل أكثر من خطوة نحو الخلف، وطوال مدة الثورة، التي تصل إلى ما يقارب 23 شهراً، وكل خطاباته مجموعة من الخطوات نحو الخلف.في السياسة تبحث عن أي ورقة، حتى وإن كانت مهترئة، للتشبّث بها، لكن الواقع يقول إنه لا يوجد شخص، باستثناء الموالين للأسد، يرى بصيص أمل لتجاوز المحنة دون اتخاذ الخطوة التي ينتظرها الجميع، تلك الخطوة التي وصفها معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية في مؤتمره الأخير مع نظيره المصري بالقرار الشجاع، وهذا القرار يعرفه الرئيس السوري جيداً، كما يعرفه بان كي مون، ومن المؤكد أن الإبراهيمي يعرف ما هو هذا القرار الشجاع.