19 سبتمبر 2025
تسجيلإن أشد ما يؤلم القلب ويفجر مشاعر الاستياء هو الواقع المر الذي نحياه ونعيش أحداثه، ونجد أنفسنا مرغمين على أن نقارن بين الكيفية التي يعاملنا الغرب بها، وبين تعاملنا معهم في جميع الجوانب. فإذا همَّ أحدنا بالسفر لإحدى الدول الأجنبية، لا بد من أن يستصدر تأشيرة من السفارة، وأن يخضع راغماً لكل شروطهم وإن كانت تتعارض حتى مع تعاليم ديننا الحنيف (فهذه دولة تشترط أن تلتقط للمرأة صورة للتأشيرة دون تغطية الأذنين والرقبة، وتلك دولة تشترط أن تجلس المرأة بمفردها مع موظف السفارة لإجراء مقابلة شخصية) وغير ذلك الكثير من الأمور التي وإن كنا نشتاط غضباً منها، ولكننا ننفذها بكل أدب والتزام لأنها ببساطة أوامرهم التي لن نستطيع أن نقترب من بلادهم حتى نطبقها بحذافيرها.. بينما لا يحتاج الأمر منهم إلا أن يحمل مواطنوهم حقائبهم ويتوجهون بها للمطار قاصدين الدولة العربية التي يريدونها فلا يكلفهم ذلك إلا ختماً صغيراً على جواز السفر عند الوصول. وحين يصل العربي المؤدب الذي صبر واحتسب إلى هناك فإنه يقف دون أي اعتراض في مطاراتهم ليخضع لأجهزة التفتيش في المطار والتي تمتاز بأنها تجرده ودون أن ينزع ثيابه حتى من ورقة التوت التي تواري سوأته بحكم الإجراءات الأمنية ودرأ لمخاطر الإرهاب الذي يتزعمه العرب (البندلادنيون).. أما هم فإننا نستقبلهم بابتسامة عريضة وترحيب حار قد يتمناه أبناء ملتنا ولا يجدونه. وحين نسير في شوارعهم فإننا قد نتعرض وبكل عدوانية وهمجية للهجوم من قبل حاقد أو حتى مراهق من الذين يفعلون ما يحلو لهم من الجرائم دون حسيب أورقيب.. وذلك لأنهم مجرد صبية في سن المراهقة.. وقد يتعرض أحدنا للأذى أو حتى القتل كما حصل مع الطالب القطري (محمد الماجد) رحمه الله أو شهيدة الحجاب (مروة الشربيني) رحمها الله والتي طعنت في المحكمة دون ذنب إلا لأنها محجبة وغيرهما الكثير من الذين ذهبوا ضحية العنصرية على حد زعمهم. أما نحن فإنهم يسيرون في بلادنا كما يحلو لهم متنعمين بخيراتنا آمنين مطمئنين. ومن يدافع منا عن عرضه وأرضه ويقاتل في سبيل دينه فإنه إرهابي مجرم لا بد أن ينكل به ليكون عبرة لمن يعتبر. وهم عندما يقتلون من أبنائنا وطلابنا ونسائنا العزل في الشوارع فإنهم مجرد صبية ثملين أو مرضى نفسيين لا يؤاخذون بماعملوا. أما نحن فلا نستطيع حتى الدفاع عن أنفسنا.. وحين يسافر العرب المقهورون في بلادهم ويهاجرون للدول الأجنبية فإنهم يعانون الأمرين في عناء البحث عن لقمة العيش والعمل في شتى الوظائف الوضيعة وبأجور زهيدة جداً لأنهم مهاجرون أو مقيمون غير شرعيين، او ببساطة لأنهم مجرد عرب. ولكن يا تُرى ما هي حالهم حين نستقدم أحدهم من هناك.. حتى ولو كان لا يعدو أن يكون في بلاده موظفاً بسيطاً يقبع على مكتبه بأجر عادي.. فما أن يصل لبلادنا حتى يعين بوظيفة مستشار في المكان الفلاني وبأجر يوازي أجور قسم كامل أو مؤسسة كاملة من أبناء الوطن المخلصين الذين يعملون لأنهم ينتمون بكل جوارحهم لهذا الوطن.. وبالرغم من ذلك لا تعدو رواتبهم الشهرية أن تكون جزءا لا يذكر من رواتب أقرانهم من أصحاب الرؤوس الصفراء والعيون الزرقاء.. وكل ذلك لأننا ببساطة نعاني من عقدة الأنبهار بالغرب والإيمان المطلق بقدراتهم وإن قلت أمام قدراتنا وعطائنا. ولم يا ترى يترك لهم الحبل على الغارب في بلادنا حتى أضحت فتياتهم وشبابهم يسيرون في حدائقنا المائية وعلى شواطئنا بلباس السباحة ضاربين بتقاليدنا واحترام مشاعرنا عرض الحائط وهم على أرضنا، أما نحن فتمنع فتياتنا في كثير من بلادهم من دخول المدارس حتى أو الجامعات وهن محجبات. ولِمَ نبني لهم الكنائس على أرضنا وبأموالنا.. ونقيم المؤتمرات والحورات مقربين بين ديننا وأديانهم، ويصدرون القوانين لمنع بناء المآذن، وإغلاق المساجد.. نحترم أديانهم ودساتيرهم ويحرقون كتابنا المقدس بكل حقد واستهتار. يصفون أطفالهم المخربين القتلة بأنهم مراهقون أبرياء.. وأطفالنا الذين ينامون على القتل والدمار ويستيقظون على دوي المدافع بأنهم إرهابيون صغار يجب قتلهم. فإلى متى نركض خلفهم لاهثين لنقارب وجهات النظر ونفتح أتوسترادات الحوار والسلام الوهمي.. ويوصلوننا لنهايات مغلقة؟؟. وإلى متى الكيل بمكيالين؟؟ والإزدواجية في المعايير؟؟ والأهم من هذا كله متى ندرك هذه الحقائق الساطعة كنور الشمس.. ولكننا نرفض أن ننزع نظاراتنا السوداء لنراها.. أظن أن الجواب في كتاب الله تعالى حين قال عز من قائل: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ).