13 سبتمبر 2025

تسجيل

ثقافة التعايش!

12 نوفمبر 2014

قمة المأساة اليوم تتمثل في انتهاك ثقافة التعايش التي صمدت في العالم العربي والإسلامي لعقود طويلة رغم الاستبداد والقهر والعنف التي ميزت التاريخ السياسي والاجتماعي. تاريخيا عاشت الأقليات وأصحابها من الأديان والطوائف والمذاهب على امتداد الرقعة الجغرافية من الديانة اليهودية والمسيحية الكلدانيين، والآشوريين، السريانيين والصائبة واليزيديين، آمنين على أنفسهم وأولادهم وأموالهم ويمارسون شعائرهم الدينية في كنائسهم ومعابدهم وأماكن العبادة وساهموا في ازدهار الثقافة العربية والإسلامية من خلال التراجم والفلسفة والأدب وتطوير العلوم والفلك والطب. ولقد تمثلت إشكالية هؤلاء في الماضي في مواجهة قضايا المواطنة والحقوق المشروعة، أما اليوم فالمواجهة تكمن في مسألة صراع الوجود والتطهير والقتل على الهوية الدينية والمذهبية والعرقية والطائفية. تعرضت الأقليات مع نشوء الدولة العربية الحديثة كما يشير عربي الخميسي إلى الاضطهاد وفقدان العدالة والمساواة وعدم تكافؤ الفرص وتهميش حقوقها عمدا من قبل المشرعين لدساتير الحكومات المتعاقبة منذ نشوء الدولة، ولم تنصفها قوانينها الوضعية ، وتبنّي تلك الحكومات سياسات إقصاء الأقليات من قبل معظم رجال الحكم وأصحاب القرار. ومع اجتياح الجماعات المتطرفة والإرهابية اليوم مثل داعش فهم يتعرضون إلى القتل والإرهاب والعنف والتعذيب وأعمال الخطف واغتصاب نسائهم، والاستيلاء على أموالهم المنقولة وغير المنقولة ، وتهجيرهم بالإكراه عن دورهم وأماكن تواجدهم ، والاعتداء على معابدهم وتفجير بعضها ، وأصبحت حياتهم أشبه بالجحيم ، مما اضطرهم للتفتيش عمن ينقذهم من محنتهم ، التي أخذت تتزايد وتتأزم وتتسارع باطراد يوما بعد يوم. تقرير صحيفة التايمز يشير إلى أن المسلحين المتطرفين في العراق قد أقاموا سوق نخاسة يبيعون فيه النساء والأطفال من المسيحيين والإيزيدين والأقليات العراقية الأخرى، حسب محققين تابعين للأمم المتحدة. وقال تقرير للمفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة إن نحو 25 ألف امرأة وطفل سجنوا وانتهكوا جنسيا وبيعوا بسعر نحو 10 آلاف دولار للشخص الواحد بوصفهم من سبايا الحرب و"ملك اليمين" لمسلحي تنظيم الدولة الإسلامية.إنها فعلا مفارقة مفجعة عندما نعقد مقارنة موضوعية وننظر إلى تاريخ الإسلام الحضاري وثقافة التعايش مع الأقليات والأديان والمذاهب قبل عدة قرون، و الزمن الحاضر لنرى العجب العجاب؟!