11 ديسمبر 2025
تسجيلكثيرون منكم يعرفون الملاكم الأمريكي مايكل تايسون والذي اشتهر في تسعينيات القرن الماضي بلقاءاته المثيرة التي كانت تتهافت عليها تلفزيونات العالم ما جعله من أغنى الأغنياء في عالم الرياضة وخصوصا رياضة الملاكمة. لقد كان دخل تايسون في كل مباراة ٣٠ مليون دولار وهو مبلغ خرافي بقياسات ذلك الزمن حتى ليكاد المرء يتخيل أن الثروة التي كونها نتيجة هذا الدخل الكبير لن تنفد أبدا، لكنه بالرغم من ذلك أعلن إفلاسه في عام ٢٠٠٣، نعم.. سرعان ما أفلس تايسون، ما جعل كثيرين يستغربون من الأمر، رغم أن هذه الحالة ليست غريبة لمن يعرف تفاصيل عالم المال والأعمال عموما. فمن الطبيعي أن يسرف الإنسان في حالة الرواج. وعندما لا يكون لديه أي خطط لاستثمار أو ادخار إنما فقط إنفاق كل ما لديه مهما كان الثمن في سبيل سعادته دون الأخذ بالحسبان في الاستثمار. وهذا من سوء الإدارة المالية، إن قلة المال أو كثرته لا علاقة لها بالإدارة المالية، تعتبر الثقافة المالية موضوعا مهما للأفراد بشكل خاص للحفاظ على حياة كريمة لهم ومن حولهم. وقد ساعدت أمثالنا الشعبية على التراخي في الصرف، فهناك مثل شعبي شهير في الثقافة العربية يقول: (اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب)، فترى الراتب الشهري نفد خلال يومين أو ثلاثة، والشهية المالية الشرائية كبيرة برغم أن الرواتب في قطر والخليج ممتازة عموما، لكن مع هذا نلاحظ أن هناك من يميل كثيرا للادخار ويبتعد عن الاستثمار.. فما هو الحل المناسب يا ترى؟ الحل في إدارة مصاريفك المالية بشكل دقيق وذلك من خلال إعداد ميزانية تفصيلية لمواردك ومصروفاتك، بشرط الالتزام بهذه الميزانية والادخار بحكمة. وهذا يعني أنك ينبغي أن تكون دائما مستعدا للظروف غير المتوقعة، وما أكثر تلك الظروف التي تفاجئنا بما لم نكن نتوقعه فنجد أنفسنا وقد وقعنا في المحظور. ومن الطرق التي تعين على الادخار أيضا إعداد ميزانية وتحديد جدول الإنفاق الشهري وتحديد وضبط مبلغ معين ومقطوع من الراتب وذلك للادخار بحسب الهدف المنشود، إن كان شراء سيارة أو بيت أو البدء في مشروع تجاري مثلا بدون الحاجة للاقتراض من البنوك. وقد تكون فكرة الادخار صعبة ونخفق فيه كثيرا ولكنه ينقلنا إلى عالم الوفرة وتحقيق الأهداف، وتحقيق كل ما نتمناه ونريده. بنجامين فرانكلين يقول "احذر من النفقات الصغيرة، فالتسرب الصغير يمكنه أن يغرق سفينة كبيرة"، وهذا يفسر لنا الإخفاقات المالية التي يقع فيها مشاهير وأثرياء سرعان ما يتحولون إلى مفلسين. إن نشر الثقافة المالية في المجتمع، والتحذير من الآثار المترتبة على القروض، والتحكم في المصاريف، وتعزيز الاستثمار طويل الأجل لما له من فوائد وتعزيز الاستقلال المادي. وفي رأيي سيكون من الأمثل تدريس مادة الوعي المالي كمنهج دراسي للطلاب والطالبات وبذلك يصبح في وطننا جيل يعرف الوعي المالي ويعرف كيف يتصرف في المال في حال الرواج أو الكساد، وكيف ينجح في الادخار وإيجاد مصادر دخل متنوعة. إذا كنت مترددا إلى الآن في الادخار: فكر كيف ستكون حياتك بعد التقاعد، هل ستكون عبئا على نفسك والآخرين، أم ستضطر إلى التنازل عن كرامتك لتقترض من فلان وغيره؟ وختاما.. يقول الرئيس رونالد ريجان الرئيس الأربعون للولايات المتحدة الأمريكية: "المال لا يمكنه شراء السعادة، ولكنه سوف يساعد في الحصول على ذكريات أفضل". وهو ما نقوله نحن أيضا، صحيح أننا لا نستطيع شراء السعادة ولا الصحة ولا الرضا بالمال ولكنه يساعدنا في تحقيق كل ذلك وإن كان بشكل جزئي.. ومن هنا علينا فعلا أن ننتبه لأهميته القصوى في حياتنا.. كل هذا وبيني وبينكم.