13 سبتمبر 2025
تسجيلالتواجد مع الآخرين ضمن حلقة تجمعهم ببعضهم البعض يفرض نوعاً من المشاركة يكون؛ بسبب التمازج الذي ينجم كنتيجة طبيعية (لتلك المشاركة)، التي تساهم بجعل المسافات أقرب بكثير، مما يؤدي إلى خلق تواصل يطيب لنا وجوده، ولكنه ما يُصبح عكس ذلك حين يتجاوز الحدود، ويبلغ حد (التطفل) الذي وما أن يمتد إلى العلاقات التي تربطنا بالآخرين، حتى تصبح الحياة أصعب بكثير، فيبدأ (التواصل) وبسببها بالإنكماش، الذي يوتر العلاقات لاحقاً، وهو ما سنتحدث عنه وتحديداً حين يكون مع (الجار)، الذي يُعد أمانة لابد وأن نهتم بها، كما وصانا رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من خلال ما فرضه علينا من واجبات لابد وأن نقوم بها؛ لنعطيه حقه، ونأخذ وفي المقابل ما هو لنا منه، ولكن يسوء الوضع بعض الأحيان مع الجار، الذي يمكن أن يتطاول على الصلة التي تربطنا به، فيتمادى الأمر؛ ليصل لمرحلة مزعجة جداً لا يمكن تقبلها بتاتاً، مرحلة تتسبب بكثير من الإزعاج، الذي يُفرض علينا الانزعاج، الذي يكون بأشكال مختلفة كالمراقبة، التلصص، ومحاولة معرفة كل تفاصيل الحياة الخاصة وإن كانت (خاصة جداً) لا حق لأحد بمعرفة أي شيء عنها، ولكنها وبطريقة ما تتسرب إلى الجار، الذي يحولها لأداة يغتال بها حريتنا وراحة بالنا. إن التواجد مع شخص يدرك عنا ما لا يدركه سوانا، يسُبب الكثير من الإرباك، كما أنه يُقيد الحرية بشكل تجعلنا لا نطيق القيام بأي شيء في حياتنا، وحتى وإن فعلنا فإننا لا نرغب بالكشف عنه أبداً، فيظل ضمن صفحة سرية، لا تسمح لنا بتعريف الآخرين بكل ما قد أنجزناه؛ خوفاً من تطفل الجار، الذي سيعود؛ ليستغل الوضع من جديد بما سيخدمه بشكل مزعج لن يؤثر بأحد سوى من سيتلقى ذاك النوع من الإزعاج وذاك التطفل، وكل ما لن يقف حتى يجد من يُوقفه عند حده. قيل (الجار قبل الدار) والقصد أن عملية اختيار الدار تأتي من بعد معرفة الجار، وتفقد أحواله (إن أمكن)؛ لمعرفة المستقبل الذي سيربطنا به، وهو ما سيجنبنا الكثير من الأضرار التي يمكن بأن تكون في المستقبل، ولا حاجة لنا بأي شيء منها خاصة وإن كنا نرغب بحياة هادئة. لقد حرصت الزاوية الثالثة على فتح هذا الملف؛ بسبب كل ما يفرضه من إزعاج على الأفراد، ولمعرفة طبيعته وإلى أين يمكن بأن يصل بهم إن تمادى وزاد عن حده، وهو كل ما قد تمكنا من الحصول عليه من خلال ردودكم فإليكم ما هو لكم. من همسات الزاوية الثالثة لربما يزعجك الآخر، ويتسبب لك بكثير من الأذى الذي سيجعلك تفقد أعصابك، ولا عيب بأن تفعل، ولكن حاول بأن لا تفقد معها صوابك؛ لتنحرف عن جادة المعقول والمقبول، وذلك بتماسكك جيداً، وتمسكك بكل أخلاقك الحميدة، التي لن تسمح لك بأن تنجرف نحو ما لن تقبله لنفسك فيما بعد، وتذكر بأن الإزعاج الذي يقع على رأسك، ويتسبب بانزعاجك لا يجدر به بأن يُغيرك؛ لتصبح غير ذاك الذي تعرفه عنك، ويمكن بأن تمقت تصرفاته مع الوقت. وأخيراً فإن تعرضنا لأي نوع من الضغوطات لا يبرر لنا ذاك التحول الكبير الذي يمكن بأن يطرأ علينا حين نتعرض لكل ما يمكن بأن يزعجنا، ويكفينا بأن نتماسك ونظل على ما نحن عليه، دون أن يقع ضررنا علينا أو على الآخرين، ويكفي بأن نلتزم حينها بما نحن عليه من أصالة ستُحسب لنا فيما بعد حين تهدأ الأوضاع، ويعود كل شيء إلى مكانه الطبيعي.