12 سبتمبر 2025

تسجيل

الكذب الخيالي عند الأطفال

12 أكتوبر 2011

ذكرنا في المقال السابق أن جهل بعض الآباء بتقسيمات علماء النفس والسلوك لأنواع الكذب عند الأطفال حتى مع حرصهم على تقويم سلوكهم، يؤدي في الغالب الأعم إلى دفع الأطفال إلى الخطأ أو على الأقل يحدث شيء من فقدان الثقة بين الآباء والأبناء، وذكرنا ضرورة معرفة ولي الأمر بأنواع الكذب حتى يتسنى له وضع خطط سديدة لتقويم ولده. وينقسم الكذب كما أخبر علماء السلوك إلى: الكذب الخيالي. الكذب الالتباسي. الكذب التعويضي. كذب الاستحواذ. كذب المحاكاة (التقليد). الكذب لجذب الانتباه. كذب الكراهية والانتقام. كذب الخوف من العقاب (الكذب الدفاعي). الكذب لمقاومة السلطة الكذب الاجتماعي. الكذب المرضي. وأغلب هذه الأنواع لا يعد كذبا بالمعنى الاصطلاحي لمعنى الكذب، ولا ينبغي أن يوصف مرتكبه بأنه كذاب أشر! أو ينعت بفلان الكذاب! أو ما إلى ذلك من الصفات الملصقة بالفعل والتي تضر في كثير من الأحيان أكثر مما تنفع، ودعونا نحاول فهم الأمر جيدا بشرح تلك الأنواع والوقوف على أسبابها ومن ثم طرق التعامل معها. النوع الأول: الكذب الخيالي. وهو أن يذكر الطفل أشياء لم تقع على أنها وقعت بالفعل، وقد يقسم الأيمان الغليظة على ذلك، وينفعل ويبكي ويصرخ إذا اعترض عليه أحد أو كذبه أو شكك في أقواله، وهو شائع في الأولاد قبل سن الخامسة، كما يقول علماء النفس معللين ذلك: بعدم قدرة الطفل "قبل الخامسة" في الغالب الأعم على التفرقة بين ما هو حقيقي وما هو خيالي. هذا النوع من الكذب له أسبابه الدافعة إليه منها على سبيل المثال: — كثرة الأمور الخيالية التي يتعرض لها من مشاهداته للكرتون أو ممارسته الألعاب التي تتضمن نوعا من التخيل والتأليف لأحداث في الأصل حقيقية لكنها غير ذلك كبناء بيت أو تصنيع طائرة ورقية، أو ركوب سفينة فضاء والسير في الأجواء، كل هذا وغيره لا يستطيع الطفل أن يفرق بين الشق الحقيقي والشق الخيالي، لذلك قد يتحدث عن أشياء لم تحدث على أنها حدثت لا يريد بذلك الكذب ولا يقصده. - كذلك من الأسباب التي تنمي أو ربما تدفع الطفل إلى التخيل كثرة الأماني والوعود التي يقطعها بعض الآباء لأبنائهم دون الوفاء بها، مما قد يترتب عليه هروب الطفل من الحقيقة التي يعيشها إلى الخيال المريح حتى يتسنى له إيجاد ضالته، فمثلا طلب الطفل من والده لعبة أو هدية أو رحلة، ووعده الوالد بذلك، بمجرد الوعد انتقل الطفل من الواقع إلى الخيال ليجد نفسه يلعب باللعبة أو في الطائرة ينتظر الإقلاع وربما تحدث معركة يكون أحد أبطالها المهم أنه عاش الخيال بكليته، فإذا لم يف الوالد بوعده، ساعتها سيهرب الطفل مجبرا إلى عالمه الجميل ليفترض وجودها، ويعيش في أجوائها، وهنا يصبح الوهم حقيقة في مخيلة الصغير، لا يقبل التشكيك فيه من أحد بل يفترض على من استمع إليه أن يصدقه وأن يشاركه تلك الأجواء الحقيقة عند الطفل الخيالية عند المستمع، فاللعبة قد امتلكها حقيقة لكنه خبأها في مكان لا يصل إليه إنسي، وأنه يأخذها من مكانه السري في الليل ليستمتع بالعب بها وحده، وربما يقسم لأخيه على ذلك، وهو غير كاذب لأنها صارت مملوكة له حقيقة لكن في مخيلته هو. - ومن الأسباب التي تدفع إلى الخيال والعيش فيه: سماع القصص الخرافية والتي فيها نوعا من الإثارة كالأسطورة مثلا أو الرجل الفضائي أو السوبر مان أو الرجل الخفي، فيذهب خيال الطفل إلى تصديق هذه الأساطير وأنها موجودة حقيقة، وربما يرى أنه قد صار أحدهم أو اقترب منهم، وساعتها يتخيل ما لم يحدث على أنه قد حدث. هذا النوع وإن اشترك في المعنى اللغوي للكذب إلا أنه لا يعد كذبا ويجب ألا يوصف به، ولا ينبغي أن ينزعج منها الأبوان أو يعتبرانه جنوحا أو ميلا للكذب المرضي فيما بعد، ولكن فقط على الآباء والأمهات فهم الخلل الذي تسرب إلى الطفل ومن ثم ربطه من آن لآخر بالواقع الذي يعيشه.