12 سبتمبر 2025

تسجيل

هل تعود الثقة؟

12 أغسطس 2023

دائما يتبادر الى الأذهان مقولة تقول: (من أظهرته المواقف على حقيقته فلا تحاول الوثوق به مجددًا). هل سألت نفسك هذا السؤال؟ نسمع قصصاً عن الخذلان والخيبة وبعض الذين فقدوا الثقة فيمن كانوا الاقرب اليهم وتأتي الخيانة من الاقربين فنحن في مأمن من الغدر معهم فتأتي الطعنات في اشد لحظاتك حاجة لهم فتصاب بالذهول في بداية الامر، فقد قال جبران خليل جبران مقولة خلدها التاريخ: «لم تكن خيبة فقط، إنما كانت صفعة جعلتني أحذر للابد». الفكرة تأتي هل انت قادر على المسامحة والرجوع ام تريد ان تمضي في حياتك بعيدا عمن خذلك؟ توقف عن وضع فاصلة، عندما يتطلب الأمر وضع نقطة. لابد ان نعلم ان الحياة التي نعيشها لمرة واحدة والايام لا تعود. لعل من القصص التي اثرت بي قصة كانت في برنامج «المسامح كريم» لشخص كان قد فتح مشروعا مع صديق عمره وكانت امورهم تسير على ما يرام حتى اندلعت الحرب السورية فطلب الاول من صاحبه ان يبيعوا كل شيء ويخرجوا من سوريا حتى يعيشوا بسلام وقد اختاروا مصر ليعيشوا بها ولكن الصديق غدر بصاحبه واخذ كل الممتلكات وفر هارباً بالاموال واولاده تاركاً صديقه مع اسرته في وسط الحرب الطاحنة، هذه الحلقة ابكت 20 مليون مشاهد، وذلك بسبب القصة في الحلقة ولعل ما علق بذهني كلمة الرجل الذي غدر به صاحبه ورفيق دربه فقال: «الذي عمله لا يغتفر». هل صحيح هناك اعمال لا تغتفر مهما جاء الشخص متأسفًا وطالباً الصفح والغفران؟ نحن نقتدي برسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وهذا هو ما ارجحه عندما قابله قاتل عمه. فقد التقى النبي صلى الله عليه وسلم بوحشي قاتل حمزة حين جاء مسلماً، وذلك بعد إسلام أهل الطائف، قال وحشي: فخرجت معهم حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآني قال: أنت وحشي؟ قلت: نعم، قال: أنت قتلت حمزة؟ قلت: قد كان من الأمر ما بلغك، قال: فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني. لا نلوم النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك فالكثير يكره البعض بسبب انه آذى أحد اهله. نذكر ايضا في ذلك المقولة المشهورة التي قالها ابو مريم قاتل زيد بن الخطاب رضي الله عنه التي قال فيها: «إذا مالي ولحبك؟ إنما الحب للنساء ولا يبكي عليه إلا النساء» هذا الحوار دار بين الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقاتل اخيه زيد بن الخطاب رضي الله عنه عندما التقى به وكان عمر رضي الله عنه يقف وهو يشرف على توزيع الخيرات على المسلمين فعندما رأى قاتل اخيه زيد لم يستطع ان يشيح نظره عنه فقد فتح جروحاً قديمة لم تندمل في قلب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي لم يمر فيه يوم الا تذكر اخاه ولكن ان يشاهد قاتله امامه بكل جبروت وعنجهية شامخاً لا يخشى شيئا ينتظر دوره فلم يستطع عمر رضي الله عنه ان يزيح نظره عنه بل توجه اليه مباشرة وعم السكون في المكان، قاتل زيد يقابل أخاه الخليفة عمر بن الخطاب، ماذا سيحدث؟!. بدأ عمر وقال لأبي مريم هل أنت قاتل زيد؟ فقال أبو مريم نعم أنا قاتله. ‏فقال عمر اغرب عن وجهي فوالله لا أحبك حتى تحب الارض الدم المسكوب. ‏فنظر ابو مريم لعمر وقال له هل يمنعني هذا حقي؟ بمعنى هل كرهك لي سيمنع عني الخير والعطايا؟ هذا الموقف بين عدل عمر رضي الله عنه وانه مهما كانت بينه وبين ابو مريم من عداوة الا انه عادل لن ينقص من حقه شيئاً. اما في المقابل هناك من يقول سأسامح وأعيش حياتي مرة اخرى معه وكأن لم يحدث شيء وهل ستبقى الثقة موجودة ويبرر فعله على انها غلطة او كان مجبراً عليها. لذلك يتضح لنا ان من يغدر مرة يمكن أن يغدر مرة اخرى وسنعود الى نقطة الصفر بسبب عدم وجود الثقة وستجد نفسك بعد فترة قد فقدت محبة الحياة ولا تستطيع الاستمرار بهذه الحياة وذلك لخلوها من المسرات والاشياء التي كانت سابقاً تبهجنا فنقف في منتصف الطريق عالقين ويكون قد مر بنا قطار العمر سريعاً وقد تستيقظ فجراً لتسأل نفسك سؤالا: هل وجدت ما اريد ام ضاعت حياتي من يدي، كما قيل قديماً:»يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً» لمن يعيش حياته يظن انها حياة جميلة، فيكتشف بعد سنوات انها كانت سرابا. على الانسان ان يعرف ان الثقة: علاقة اعتماد بين اثنين، الشخص المؤتمن عليه ومن المفترض ان يفي بوعده وبين صاحب الثقة والقيم الرفيعة والاخلاق العالية، فاحرصوا على من تضعوا ثقتكم به حتى لا تندموا لاحقاً.