29 أكتوبر 2025

تسجيل

بين الصورة والأصل

12 أغسطس 2015

الصورة الوردية التي نشاهدها في وسائل الإعلام الخليجية والعربية عن العرب والمسلمين والنظرة إلى دينهم ومعتقداتهم وسلوكياتهم في الغرب خادعة، فدراسة الحالة المكانية والزمانية ووضعها تحت المجهر، تدل على أن التصور يحمل الكثير من عدم الارتياح والمخاوف والهواجس والعداء الذي يتجاوز الحالة الفردية ويصل إلى المجتمع ومؤسساته. في الآونة الأخيرة بعض التيارات والتي أخذت زخم حركة "بيغيدا" وهي عبارة عن جماعات متعددة المشارب والتوجهات لكن القاسم المشترك بينهم العداء للعرب والمسلمين وتشمل تجمعا يمثل عددا من تيارات يمينية متطرفة، ومجموعة من النازيين الجدد، وجماعات مثيري الشغب في الملاعب المعروفة باسم "هوليغنز"، ومواطنين من مدن ألمانية مختلفة، وقد تأسست مجموعات مشابهة في دول أوروبية أخرى منها إسبانيا والسويد وسويسرا، الظاهرة التي تمثلها هذه التيارات وغيرها في أوروبا وأمريكا في تصاعد وتفاقم، والشكوى والتذمر لا تجدي نفعا معها ولا تحد من انتشارها. لكن كيف تتم مواجهة كل ذلك، وهل يتحمل العرب والمسلمون جزءا من الذنب، وهل من الممكن التعلم من التجارب المختلفة! من المبادرات التي شدت انتباهي في الآونة الأخيرة وكانت لها أصداء إيجابية في وسائل الإعلام وإن صادفت تحديات على أرض الواقع وفي التنفيذ مبادرة (تناول عشاءك مع أسرة مسلمة) حيث يتم دعوة غير المسلمين إلى العشاء، لإبراز سماحة الدين الإسلامي، ورفضه الإرهاب والتطرف الديني، وإتاحة الفرصة للرد على أية أسئلة بخصوص العادات والتقاليد الإسلامية، ومدى التزام المسلمين الذين يعيشون في الغرب وبالذات في فرنسا بالقوانين عبر جو من الألفة. لكن سرعان ما دب الخلاف بين المسلمين أنفسهم في التعامل مع الدعوة وآليات تنفيذها حتى تم إتهام القائمين عليها بأنهم لهم أجندات خاصة وأتباع فرق ضالة مهرطقة ويجب عدم التعامل معهم بل مقاطعتهم ومحاربتهم! في الواقع آخر ردود الأفعال كانت في مطالبة بعض الدول الغربية بطرد الخليجيين و العرب بسبب القاذورات التي يتركونها في الحدائق العامة. ما هي الصورة الحقيقية الأصيلة التي يجب أن تقدم عن الدين الإسلامي والحضارة العربية والإسلامية بالتحديد من قبل المسلمين قبل غيرهم؟ هناك الكثير من التنظير والتبجيل لصفحات ناصعة من التاريخ، والاعتزاز ببعض المراحل الحضارية المشرقة من الماضي، ولكن في الحاضر وفي التعامل مع المجتمع والبشر والشعوب والطوائف والأمم والآخر المختلف في الدين والمذهب والفكر والتوجهات، فالكثير من المحسوبين على العرب والمسلمين يسهم في رسم صورة مشوهة بطريقة أو بأخرى سواء في الداخل في ديار الإسلام أو بالخارج في بلاد الكفر!.