26 أكتوبر 2025
تسجيلفي إعدادي لديواني الجديد، طلبت من أكثر من صديق مهتمّ تصميم غلاف مناسب، وعندما توفّر لي أكثر من غلاف، أحببت استفتاء الأصدقاء في موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، وكانت ردود الأفعال مدهشة، وكانت الحماسة لاعتماد الغلاف بين الأصدقاء المتصارعين مدهشة، وبخاصة كثرة الآراء الناقدة والمحللة للوحة والألوان وحتى الخطّ الذي اعتمده المصمم، وانسجام كل ذلك مع طبيعة نصوص الديوان. وفي مكتبتي قلبت عشرات الدواوين والكتب متفحصاً الأغلفة التي تلفت الانتباه، وهالني كثرة التصاميم العشوائية التي تنفّر القارئ. يعدّ العنوان العتبة الأولى للنصّ، ويعدّ عنوان الكتاب عتبة العتبات التي يقف عندها أصحابها كثيراً، ثمّ يتركون للمصمّم اقتراح أيقونة بصرية تلامس معنى العنوان، ومع كثرة دور النشر، وقلّة هوامش الربح، صار التصميم عبئاً إضافياً، وباتت كثير من دور النشر تتخفّف من هذا العبء، وبخاصة بعد توفر الخدمات التقنية الجديدة "الفوتو شوب" وخدمة الخطّ على أنواعه. في حين تراجع استخدام لوحات الفنّ التشكيلي التي تلعب دوراً حيوياً في إضفاء بعد جمالي إلى مضمون الكتاب، في فسحة بصرية تقرأ مع العنوان المعنى العام لمضامين النصوص، تستنطق الذات القارئة وتفتح أفقاً إلى معرفة. أتذكر أغلفة روايات نجيب محفوظ على واجهة مكتبات مدينتي الصغيرة القامشلي أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، كنت أقرأ فيها القاهرة البعيدة الخارجة من أفلام السبعينيات، كان مصمم أغلفة محفوظ قريباً من مصممي "أفيشات" الأفلام التي تركّز على الوجوه وتستنطق فيها تعبيرات القوة والشرّ والجمال، على عكس روايات حنا مينا التي لم تتخذ سمة واحدة فقد تصدرت بعضها صورته يدخن، وفي بعضها الآخر صور للوحات فنية في ترجمة بصرية لمضمون الرواية. وإلى اتجاه صورة بطل العمل (المؤلف) اتجهت أغلفة أعمال الكاتب المصري مصطفى محمود، وأغلفة كتب محمود درويش الأخيرة، وغيرهم كثير. لكنّ الفن التشكيلي بات أكبر الخاسرين في التصميمات الأخيرة، فالغلاف أفضل مروّج للوحة، ولكن الخوف من حقوق العرض، تجعل الناشر يغض بصراً عن إثارة متاعب محتملة تؤذي هامش الربح البسيط. ولعلّ متابعي المجلة الكويتية جريدة الفنون، يلاحظون هذا المزيج الفني البصري في الصفحة الأخيرة بين نص شعري ولوحة فنية، مساهمة في جمال معرفي مختلف.