14 سبتمبر 2025

تسجيل

ومن يدري لعلنا نلتقي هناك!

12 يوليو 2016

هناك من يؤمن بأن تقسيم حياته لفصول تنفصل عن بعضها البعض خطوة مهمة جداً تضمن له عدم التشتت، وتُجنبه تذوق معنى الضياع، إذ ومن وجهة نظره أن (فصل الحياة الخاصة) بكل ما فيه من تفاصيل لا يجدر به الاندماج بـ (فصل الحياة العامة) الذي يتضمن ما يمكن تقاسم تفاصيله مع الآخرين، والحق أنها وجهة نظر تعني الكثير لمن تفلح معه تلك الخطوة وتنجح؛ لالتزامه بكل ما يأتي في كتيب تعليمات خطته، ولن أنكر حقيقة أني قد سبق لي وأن تأثرت، وكنت وفي مناسبات عديدة أفصل بين فصل حياتي الخاصة والعامة ولأسباب كثيرة لن تستوقفني في هذه اللحظة وذلك؛ لانشغالي بشيء آخر ألا وهو التركيز على هذه الحقيقة وهي: أن كل قصة نعيشها تُكتب لسبب سندركه في مرحلة من المراحل التي ما أن تكون حتى نخرج منها بعبرة تساعدنا على تغيير مسارنا في هذه الحياة، العبرة التي وإن تلونت بطابع خاص؛ لانبثاقها من حياة خاصة إلا أن أثرها العظيم سيخترق (حياة العامة)؛ ليؤثر عليها تأثيراً إيجابياً؛ لأسباب عديدة لعل أهمها: صدق التجربة القائمة على تفاصيل دقيقة تُلخص؛ لِتُقَدم ومن بعد على طبق من ذهب كخلاصة تقدم المُفيد، الذي يجعل كل من يتلقاه أكثر قدرة على مواجهة حياته بحكمة لا تُكتسب بسهولة، فهي تتطلب الكثير من التوجيه المُمتد عن طريق التجارب التي سبق لسوانا وأن خاضها، فمرقها حتى وصلت إلينا كرسالة نترقب لحظة استلامنا لها، غير أنها لا تصل إلينا بسهولة، ليس لصعوبة العنوان، أو بسبب الزحام الذي يفرض التأخير، ولكن لضياع نعيشه في فترة من الفترات، ولا يسمح لنا بالثبات في بقعة واحدة، إذ نبدو وكأننا نقفز من مكان لآخر؛ بحثاً عن ضالة لا يدركها سوانا، ونكون في حالة ترقب تام يفرض علينا التمسك والتشبث بذيل أي أمل يطل علينا فقط؛ كي نخرج من مأزق تورطنا فيه دون أن نسعى إلى ذلك. لقد عاهدت نفسي ومنذ أن بدأت الكتابة في هذا العمود بألا أٌسمح لحياتي الخاصة بأن تقتحم كتاباتي -التي أحرص من خلالها على بث عظيم الفائدة للآخرين- إلا من نطاق ضيق ما أن يتطلبه الأمر حتى يكون، وإلا فلا حاجة لكشف المستور، الذي لا يملك حق الانشغال به سواي (سواي)، وهو ما أميل إليه؛ لأني اعتدت على تلقي هموم الآخر، الذي يلجأ إلي؛ كي يفضفض من جهة، وكي أمده بحلٍ يُزيح عنه صخرة همومه وأوجاعه من جهة أخرى، فالفضفضة تُحقق ذلك فعلاً، وتسمح لصاحبها بمزاولة حياته وبشكلٍ طبيعي بمجرد أن يُفرغ ما في جعبته؛ لذا ولإدراكي التام لهذه الحقيقة، فلقد خصصت مساحة كافية لذلك في صفحتي الأسبوعية (الزاوية الثالثة)، التي تستقبل الكثير من المشاركات التعيسة، التي تبحث عن (راحة البال) القادرة على اكتسابها بمجرد أن تُفرغ ما بداخلها؛ كي تتفرغ لجديد غيره، وأحسب أن الدنيا كعجلة تدور من حولنا وتفرض على كل واحد منا دوراً مختلفاً في كل مرة، وما يؤكد ما أقوله أني وبالأمس كنت من يتلقى هموم الآخر؛ كي يرتاح، أما اليوم فلقد صرت من يرغب بفرصة للفضفضة؛ كي أرتاح، وهو ما يتعلق بموضوع (خاص بي) ألا وهو: تعلقي بالمسرح، الذي سبق لي وأن انشغلت به حتى بلغت درجة شعرت معها بأني لا أستطيع العيش دونه ذاك المسرح، وحسبت أني سأتمادى معه حتى أبلغ قمة أبحث عنها في أي شيء أُقبل عليه، ثم فجأة ودون مقدمات شعرت بأن ما كان يُشعلني ويشغلني قد تلاشى، وتركني في وسط لا يعرف الوسطية أبداً، ولا يُدرك معنى الاعتدال الذي أحتاج إليه؛ كي أُحدث التوازن المطلوب؛ لإعادة الأمور إلى صوابها، إذ صرت ومن بعد كمن يُريد ولا يريد، ومن يحب ولا يُحب، ومن يفعل غير أنه لا يفعل أي شيء ولفترة لا بأس بها، أحسب بأني قد فررت فيها بعيداً، ولم أجد ما يجرني إلى واقعي من جديد سوى إشارة المرور التي استوقفت السيارة يوم أمس بجانب مسرح قطر الوطني، الذي عشت فيه أجمل لحظاتي، وكنت قد نسيتها تلك اللحظات أو حسبت بأني قد فعلت فعلاً إلا أن تلك الإشارة قد جمعتني بعشقي، وشعرت بأني قريبة جداً منه على الرغم من وجود الظروف الخاصة التي سبق وأن أبعدتني عنه من قبل، فما كان مني إلا وأن عدت إلى واقعي بتحرك السيارات وتحركي معها على الرغم من أن عقلي قد ظل هناك يداعب ذكريات قديمة وجميلة تأكدت أنها لم تفارقني أبداً، وكل ما في الأمر أنها وجدت من يمسح الغبار عنها؛ كي تظهر من جديد. أحبتي: لم أتحدث عن أحلامي، ولم أتطرق لحياتي الخاصة؛ كي أستعرض شريط ذكرياتها (لي وحدي فقط)؛ لأني وبكل بساطة أدرك كل تلك التفاصيل جيداً، ولكني فعلت؛ كي أُذكر كل من يلقف كلماتي في كل مرة؛ بحثاً عن جديد (بالتالي) ألا وهو: إن كنت تملك (ما) تحبه وكان يشغلك في زمن مضى، ثم استيقظت في يوم ما؛ لتجده وقد تبخر واختفى، فبحثت عنه كثيراً غير أنك لم تجده، فلا تستسلم، وكن على ثقة بأنه يعيش في أعماقك (طالما أنه قد قُدِرَ لك)، وكن على يقين بأن كل ما يحتاجه منك هو إخراجه من جديد، أو الاستعانة بمن يستطيع مساعدتك على فعل ذلك كما يجب؛ لأنه قدرك ونصيبك الذي ستصيبك سهامه دون شك؛ لذا لا عيب إن بدأت بذلك من هذه اللحظة، ومن يدري! لعلنا نلتقي هناك على ظهر تلك القمة يوماً (ما).