15 سبتمبر 2025
تسجيلجمعتني الصدف التي يقولون عنها خير من ألف ميعاد بصديق في أحد البنوك لم أره منذ زمن بعيد، حيث كنا في دورة تدريبية في الثمانينيات وبعد أن سأل كل منا عن صحة الآخر وأحواله دار بيننا هذا الحديث: أما زلت على رأس عملك؟ قال لا فأنا مُحال الى التقاعد أما تراني أسحب هذا المبلغ الكبير إنه مكافأة نهاية الخدمة فلقد عملت أكثر من عشرين سنة وبعد أن تم منحي راتب سنتين بكافة الامتيازات كاملاً تحولت إلى صندوق التقاعد جزاهم الله خيرا المسؤولين أعطوني حقي وأكثر وأنت ماذا بخصوصك؟؟ قلت له أتذكر عندما حصل لي حادث أثناء التوجه للعمل بالزي الرسمي انا وقريب لي في أول يوم من أيام رمضان المبارك وكان الحادث مروعا انتقل فيه ابن عمي إلى رحمة الله وهو في العشرينايت من العمر وأصبت أنا بإصابة بليغة في إحدى ركبتي وخرجت فيه صابونة الركبة وانشطرت إلى نصفين ولولا لطف الله سبحانه لكنت في عداد الأموات له الحمد والمنة على ذلك وأجريت لي أكثر من عملية حدث لي في أحداها خطأ طبي مما حدا بي للسفر للعلاج في بريطانيا أكثر من سبع مرات ودفعت الكثير من تحويشة العمر وعانيت كثيراً وأجريت لي على يد جراح شهير يقال له مستر إنجلند عملية لا يستطيع أي دكتور في وقتنا الحاضر أن يعملها وهي الترقيع بواسطة الألياف الكربونية،، وفي السنوات الأخيرة بحثت عنه في بريطانيا فلم أجده ونصحني طبيب هنا ممن لا يعرف أي شيء عن مثل هذه العمليات بحقنة زيت وسألت طبيبا آخر في لندن عن هذه الحقنة وهل تصلح للألياف الكربونية فقال لي لو أخذت الحقنة لقضت على ركبتك فهي لا تصلح لكل الحالات فحمدا لله بأن ألهمني أن أستشير هذا الطبيب وأنه أبعدني عن من نصحني بالحقنة وهو لايعرف عن هذه العملية أي شيء. وهذه المشكلة عندنا كل واحد حاط نفسه أبو العريف حتى ولو ضيع مستقبلك أو تسبب لك بمزيد من المعاناة ولربما كان يعتقد بأن ركبتي بيض وشكشوكة؟؟ أما بخصوص الوظيفة فطلبت التقاعد نظراً للأسباب آنفة الذكر لكن لم أحظ بمثل ما حظيت به أنت اللهم لا حسد ولم يكن القانون بمثل هذه الصورة فتم قطع راتبي مباشرة بعد بضع شهور ولم امنح راتب سنتين وذهبت سنوات الخدمة التي تجاوزت العشرين سنة هباءً منثورا ولم أحصل على نهاية خدمة كالذي يحصل اليوم جزاهم الله خيرا المسؤولين فبعد راتب السنتين مع البدلات والامتيازات يحصل المُحال على مبلغ كبير من المال قد يعينه على متطلبات الحياة أو يزوج به أبناءه أو يقوم بعمل تجاري يؤمن له دخلا آخر يعينه على غلاء المعيشة الذي يزداد يوما بعد يوم،، وقد سألنا عن إمكانية اعطائنا نهاية بدل الخدمة فوقف قانون بعد وقبل بالمرصاد وركل هذا الحلم الجميل وقذفه بعيداً خارج نطاق أسواره الشائكة وقيل تُعطى ذلك بعد أن يأخذ الله أمانته وبعد أن تحال إلى البرزخ تحال اوراقك إلى المفتي صندوق التقاعد ويعطى ذووك تعب عمرك أما ترى يا أخي بأن الحي أبقى من الميت خلونا نستأنس واحنا أحياء،، لكن برغم كل هذا عندنا في الله أمل وبهذه النوعية من المسؤولين الذين كانوا "فألا حسنا" وما حلوا في روض إلا وعمروا جيله كما قالوا في الأمثال أم يبقى هذا سرابا كل ما تقرب منه يبعد ويبعد ويبعد وحلما لن تراه يتحقق أبداً على أرض الواقع وإن القوانين بدون قلب أو مشاعر قال الشاعر/ اعلل النفس بالآمال وارقبها // ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل ودمتم سالمين