14 سبتمبر 2025
تسجيلإن الحديث عن قضية بحجم قضية الإبداع لا يمكن كبح امتداده؛ لاتساعه وتشعبه أيضاً، ورغم أنه لا يزال في عنفوانه، كحال قلمي الذي لا يزال يشتاق إلى مداعبة السطور بمتابعة الحديث الذي بدأناه، فإن تلك المتابعة لن يُكتب لها أن تستمر من قِبل ذات الروح وذلك لسبب بسيط لابد أن يعود إلى أحضان الحقيقة يوماً (ما)، وهو أن الإبداع شرط أساسي من شروط الحياة، واستمرارها تلك (الحياة) يعني استمراره ذاك (الإبداع) أيضاً، حتى وإن فر قلمي بنظره عن هذه القضية، فإن غيره من الأقلام سيلتقط حق متابعة الحديث عن الإبداع وبإبداع حقيقي. تحدثنا ولفترة عن قضية الإبداع التي لن تفتر أبداً؛ لأنها تمسنا فعلاً، والمعروف أن الحديث عن كل ما يمسنا لا يتجمد أبداً حتى نموت، بمعنى أن بقاءنا على قيد الحياة يعني الأمر ذاته بالنسبة لقضية الإبداع، إذ سيجري عليه كل ما يجري علينا. إن كل ما ورد في هذا العمود ومن خلاله عن الإبداع، لم يكن وليد صدفة، بل بفعل متابعة حقيقية لواقع الأمر، فكل ما يمر به المبدع، ويعيش من خلاله لحظات الرخاء والشقاء؛ ليجسد من بعده إبداعه الذي يتميز به هو ما كان لنا هنا ومن خلال هذا العمود، الذي سيخوض اليوم وفي مرحلته الأخيرة (بالنسبة لي ولقلمي) الحديث عن أصعب ما قد يعاني منه المبدع الحقيقي، ألا وهو التواجد في بيئة يغمرها الحقد من كل جانب، البيئة التي لن يجد فيها إلا عوامل التنفير، التي ستستفزه وستحرضه إما على البقاء وبعزم، أو حزم الإبداع والرحيل به حيث الأمان الذي يبحث عنه؛ ليكون له حق متابعة ما يملكه من إبداع يستحق أن يرى النور يوماً ما، وبين تلك الأولى وهذه الأخيرة نجده متشبثاً بأمل النجاح، وهو ما سيكون له إن أصر على حقه من البقاء وبعزم؛ ليواجه كل العقبات التي سترشف قهوتها لتضبط مزاجها على (موجة) واجب تخريب رحلته؛ لتمنعه من خوضها فلا تكون له، إلا إن أصر على تلك الرحلة؛ ليبدأ الصراع الذي سيجبر الأحداث على دمجهما معاً، وينتهي الأمر بفوزه عليها بفضل عزمه، وإصراره، وثقته بكم الإبداع الذي يتمتع به، ولكنه ما لن يكون إن رحل مع الخيار الثاني ألا وهو رحيله بعيداً عن تلك العقبات التي تهدده وإبداعه، ذاك الذي وإن أخفاه إلا إن عمره سيبدأ بالتلاشي شيئاً فشيئاً وإن تمكن من المحافظة عليه ولبعض من الوقت، حتى ينتهي به الأمر بلقبٍ كان له يوماً، ولكنه وللأسف لم يعد كذلك. الحقد في بيئة المبدع عقبة أساسية تجمد حركته وبشكل مريب، وإن لم يكن ذاك الأمر جلياً؛ لأنه وفي الواقع لن يكون سوى ذاك الخفي الذي سيلتهم قدرة المبدع على الإبداع من خلال شحن تلك البيئة بمشاعر سلبية تعوق خطوات التقدم عن التقدم إلى الأمام نحو كل ما يسر؛ لتجبر المبدع على البقاء حيث هو دون إنجاز ذاك الذي يسعى إلى إنجازه. خلاصة الحديث: نحن نبحث عن الإبداع رغم أننا نملكه، ونطالب بتواجده رغم أننا نراه، نتجاهله رغم أن نداءه لا يزال دافئاً يعكس استمراريته، وندهسه لنتجاوزه بحثاً عن إبداع (ولكن يبدو أنه من نوع آخر)، ليأخذنا ذلك كله نحو سؤال أخير سننتهي به لتبدأ أنت أيها المبدع الحقيقي: عن أي إبداع تبحثون أصلاً؟ لتكون لك هذه الإجابة كهدية أخيرة سيتكرم بها هذا العمود: الإبداع هو كل ما تملكه أنت، لذا كن أنت كما أنت، وحلق عالياً دون أن تلتفت إلا لإبداعك وإلا وقعت، وكنت لقمة سائغة للآخرين. ومن جديد راسلوني بالجديد: [email protected]