16 سبتمبر 2025

تسجيل

فضفض

12 يونيو 2022

هل تعاني من الاحتراق النفسي ؟ أغلب الموظفين يعانون من الاحتراق النفسي للأسف، ولكنهم لا يعون ذلك، وهو مرض مرتبط بضغوطات العمل خاصة تلك الوظائف التي يتعرض فيها الموظف للخطر، والاحتراق النفسي نوع من الاضطرابات النفسية التي تسبب أمراضاً نفسية، وتظهر أعراض الاحتراق النفسي في سوء إدارة العمل، قلة جودة منتج ومخرجات العمل، الإجهاد النفسي، عدم القدرة على اتخاذ القرار السليم في العمل، كما تظهر أعراض عضوية وجسدية مثل الصعوبة في التركيز والشعور بالإرهاق والنسيان والقلق المستمر، وقد تحدث تغييرات في السلوك مثل قلة أو كثرة النوم، وقلة أو كثرة الأكل، وتجنب الأشخاص والاماكن، سرعة الانفعال، والتدخين وتعاطي المخدرات والكحول، أما الاسباب فتتنوع حسب نوع وبيئة العمل ومنها، امتصاص المدير للطاقة النفسية للموظف، عدم قدرة الشخص على تنظيم الفعاليات، التقدير الضعيف من الآخرين الذي يؤدي لاهتزاز الثقة في الذات، عدم وجود أمان إداري يحفظ للموظف حقوقه، وتؤدي كل هذه الأسباب وغيرها إلى الإصابة بالتوتر، القلق، الاكتئاب والإصابة بأمراض عضوية، حيث أثبتت الدراسات أن 90 % من الأمراض العضوية أسبابها نفسية، فهل هناك حل لتخفيف تلك الضغوطات لتجنب الوقوع في دائرة الأمراض النفسية؟ تُشير بيانات منظمة الصحة العالمية أن ربع سكان العالم سيصابون بمرض نفسي في مرحلة ما من حياتهم، كما تتسبب الأمراض النفسية في حدوث عدد كبير من الوفيات وحالات العجز، يُمثل الاكتئاب ثاني أهم أسباب عبء المرض في البلدان المنخفضة الدخل بحلول عام 2030، زيادة عدد الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب والقلق من 416 مليون شخص إلى 615 مليونا بين عامي 1990-2013 أي نسبة 50% والأرقام في ازدياد حالياً، فحوالي 20% من الأطفال والمراهقين في العالم لديهم اضطرابات نفسية، تعاني البلدان منخفضة الدخل من قلة توافر الأطباء النفسيين بمعدل طبيب واحد للأطفال لكل 1 إلى أربعة ملايين شخص، حوالي 900 ألف شخص ينتحرون سنوياً 86 % منهم في البلدان المنخفضة الدخل وتتراوح أعمارهم بين 15-44 عاماً. الحل السهل الذي يستصعبه الأغلبية وقد يرفضه البعض هو رؤية طبيب نفسي للتخلص من الأفكار المشوشة ومن الجهد النفسي الذي يعاني منه الشخص، فغالبا ما يرتاح الشخص بعد الفضفضة لشخص لا يمت له بصلة ولا تربطه به علاقة مباشرة، نتيجة لعدم ثقته في الآخرين، ربما الخوف من تَقّلب الأهواء يوماً، ولكن للأسف أن الطبيب النفسي لا يحظى بشعبية لدى المجتمعات خاصة العربية ويعاني كثير من الاشخاص من أميّة في التعامل مع الطبيب النفسي بل ولا يتقّبل الفكرة لأنه يعتقد أنه مرتبط بالمجانين، في حين أنه حتى أولئك المجانين وصلوا لتلك المرحلة بعد ضغوطات نفسية حادة، وربما للجينات دور في ذلك، لهذا لابد من التوعية لدور المعالج النفسي الذي يبرز دوره في المجتمعات الغربية المتقدمة، بل وعلى المؤسسات تخصيص قسم في هياكلها الإدارية لمعالجة الضغوطات التي يمر بها الموظف، لتكون بيئة عمل صحية ومرنة وبها دافعية للعمل، وخلال متابعتي لأحد المسلسلات الأمريكية الذي تدور أحداثه في أحد المستشفيات الكبرى في نيويورك، يتوافر قسم الطبيب النفسي الذي لا يعالج المرضى فقط بل يقابل ويعالج الموظفين الذين يعانون من ضغوطات، كما أن إحدى الوسائل التي تخفف الضغوطات هي جلسات الدعم النفسية والتي قد يلتقي فيها مجموعة ممن يعانون من نفس المشاكل والاضطرابات أو الأمراض، ويتشاركون خبراتهم وبالتالي يعالجون أنفسهم بالسماع إلى غيرهم ومشاركتهم نفس الأفكار والمعاناة فتخف لديهم الضغوطات، لانهم سيعرفون بانهم ليسوا وحدهم من يعانون وأن غيرهم يشاركهم تلك المعاناة. كل شخص يعمل لديه قصة ولديه معاناة مختلفة سواء اجتماعية، تربوية، مادية وثقافية وطموحات مختلفة، وعليه فان خضوع المتقدمين للحصول على وظيفة لاختبار لتحدد الصحة النفسية من أهم الإجراءات التي يجب أن تُدخل في شروط التوظيف، حتى لا يتسبب المرضى النفسيون والذين يعانون من عقد نفسية في تفريغ أمراضهم وتجاربهم السيئة على الموظفين، فيحولون بيئة العمل إلى جحيم، فكم من شخص يشغل منصبًا لا يستحقه بسبب الواسطة، وكم من موظف نشيط ومجتهد مظلوم ويتم تهميشه ويُحرم من العدالة الوظيفية، بسبب ذلك المدير المُعقّد والمريض النفسي!. •موضوع الصحة النفسية مهم جداً، ويجب أن يحظى باهتمام من الجهات المُختصة، نظراً لوجود كثير من المرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية، وهم لا يدركون ذلك، فيجب أن تبدأ التوعية بالصحة النفسية من المدارس، لينشأ الطالب متقبّلا فكرة المعالج النفسي أولاً، ولتتم السيطرة على أي مشاكل نفسية تصيب الطفل والمراهق، فإذا ما لم تتم معالجتها ستتفاقم وتكبر من الشخص، وتجعل منه وحشاً يُدمر كل من يتعامل معه. [email protected] @amalabdulmalik