13 سبتمبر 2025

تسجيل

نكبة فكرية

12 يونيو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); عندما بدأت الغشاوة تزول رويدا عن عقول جمع المسلمين فى نهاية القرن التاسع عشر وجد السواد الأعظم من مثقفى العرب والمسلمين فى المغرب العربى ومصر ولبنان والشام بالذات أنفسهم فى أسر المدرسة الفرنسية تُضيِق عليهم الخناق حتى تم احتواؤهم تماما فكريا وثقافيا ليبدأ بهم طور آخر خطير من النكبة لا يزال يلقى بظلاله على عالم الإسلام حتى اليوم. وكانت هناك مكائد ودسائس متربصة دائما ، العلنى منها والخفى ، لوأْد أى محاولة جادة لبعث الفكر الإسلامى باستغلال ضعف النفوس ونزعة الجهل المتأصلة فى نفوس أولئك المثقفين الذين ترعرعوا فى الزمن الخطأ وتحت ولاية الحكم الخطأ ، فكانت المحصلة دائما فى ميزان الإسلام صفرا. ترعرعت طبقة ممن نُعِتوا بالفلاسفة والمستنيرين تشتتوا فى دروب الفكر الغربى على إختلاف توجهاتها ، أصبحوا يدَّعون اهتماما بالإسلام ولكنهم ما اهتموا به إلا تربُّصا. هذا الطور الأخير من النكبة لو لم يتم تداركه والعمل على احتوائه سينهار البناء الإسلامى تماما ولن يبقى منه إلا تراث السلف الذى لن تنال منه نائلة ، ولكن كنتيجة طبيعية لعدم قدرة أولئك الذين يحملون ذلك التراث السلفى فى زمننا الحالى على بلورته فى إطار زمنه ثم مواءمته من واقع الحال الآن قد ينتكس بمن يحملونه فى قلوبهم إلى حالة من الجمود الذى يستلب من تاريخ الأمة الفعال زمنا مقدرا أو يلقى بهم فى غياهب الغنوص والسلبية العقيدية. وبالتالى يكون الفكر الإسلامى ، والحال هكذا ، جاهزا ليتلقفه قوم آخرون ، وفى أغلب الأحوال سيكونون من غير العرب فالعرب تقاعسوا عن حمل الأمانة ، ودين الإسلام هو دين البشرية وليس وقفا على أمة دون أخرى. وقد بدأت إرهاصات هذا التغيير تلوح وسُحُبه تتجمع تنساب من الغرب كما تبلورت وسادت قبلا فى الشرق! هذا إلّا إذا انتفض أهل الإسلام الحاليون وغيروا من حالهم ، والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، فيلحقوا بالركب ويزيدوا مسيرة الإسلام ثراء. وتغيير الحال هو دائما السبب الرئيسى لاستمرار حضارة البشر. فالله ، سبحانه وتعالى ، واحد صمد ودينه واحد ومنهجه واحد يمتد على صراط مستقيم إلى الأبد الأبيد ، و يتنافس الخلق فيه على هذا الدرب ويختصمون فى تغيير مستمر ليرتقوا بأسباب حياتهم ودنياهم ويتساموا فى سبيل فلاحهم فى آخرتهم ، ولن يؤخذ الفوز بالهداية لطريق الحق إلا غلاباً بالوعى وبالاجتهاد وبالحكمة ومقارعة الباطل. والفوز فى هذا الصراع وَوَضْع الإسلام فى مكانته الصحيحة فى الحضارة الإنسانية القادمة يعتبر ضربا من ضروب الجهاد فى سبيل الله لتعزيز الدعوة ونشرها. ومن أجل الإعداد الجيد والمناسب لتلك المجابهة فى مرحلتها القادمة صارت الحاجة ماسة الآن لوضع تصور متكامل لنهج فكرى جديد ومناهج بحث جديدة وأساليب مناسبة قد يكون قال بها كثيرون ونادوا بها ولكن كان هناك دائما عقبات ومنزلقات وسهوات.