29 أكتوبر 2025

تسجيل

خذ المنهج كله

12 يونيو 2016

من أسباب فتور السالك درب النجاة: السبب السابع: اقتصار السالك إلى الله على لون واحد وواجب واحد من جوانب الدين: كأن يجعل همه العقيدة فحسب، ملغيا كل شيء غيرها من حسابه، أو يجعل همه الشعائر التعبدية، تاركا كل ما سواها، أو يقتصر على فعل الخيرات ورعاية الآداب الاجتماعية، غاضا الطرف عما عداها فكل هؤلاء وأمثالهم تأتى عليهم أوقات يصابون فيها لا محالة بالفتور، وهذا أمر بديهي، نظرا لأن دين الله موضوع لاستيعاب الحياة كلها، فإذا اقتصر واحد من الناس على بعضه فكأنما أراد أن يحيا بعض الحياة، لا كل الحياة، ثم إذا بلغ الذروة في هذا البعض يتساءل: وماذا بعد؟ فلا يجد جوابا سوى الفتور إما بالعجز وإما بالكسل.ولعل ذلك هو أحد أسرار الدعوة إلى أخذ منهج الله كلا بلا تبعيض، ولا تجزيء: { يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين }، أي اعملوا بجميع شُعَب الإيمان، وشرائع الإسلام، ولا تسيروا خلف الشيطان، لما يكنه لكم من العداوة والبغضاء فيصرفكم عن منهج الله بالكلية، أو عن بعضه فتفتروا وتضيعوا.والسبب الثامن من أسباب الفتور: الغفلة عن سنن الله في الكون والحياة: فإننا نرى صنفا من العاملين لدين الله يريد أن يغير المجتمع كله أفكاره ومشاعره، وتقاليده وأخلاقه وأنظمته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في يوم وليلة بأساليب ووسائل هي إلى الوهم والخيال أقرب منها إلى الحقيقة والواقع، مع شجاعة وجرأة وفية، لا تستكثر تضحية وإن غلت، ولا تعبأ بالموت سعت إليه أو سعى إليها، ولا تهتم بالنتائج أيا كانت، ما دامت نيتها لله، وما دام هدفها إعلاء كلمة الله، غير واضعين في حسابهم سنن الله في الكون والحياة: من ضرورة التدرج في العمل، ومن أن الغلبة إنما تكون للأتقى، فإذا لم يكن فللأقوى، ومن أن لكل شيء أجلا مسمى لا يقدَّم ولا يؤخَّر.... إلخ فإذا ما نزلوا إلى أرض الواقع، وكان غير ما أملوا، وما أرادوا وما عملوا، فَتَرُوا عن العمل إما بالكسل والتواني والتراخي، وإما بالقعود والانسلاخ والترك.