17 سبتمبر 2025

تسجيل

معجزة الإسراء والمعراج والتكريم الإلهي لسيد الأنبياء والمرسلين "3 — 2"

12 يونيو 2012

  سنتقتصر في سرد المعجزة على بعض الروايات (التي إن جمعت وضحت لنا القصة كاملة) 1 — رواية ام هانئ بنت أبي طالب.. تقول: "ما أسري برسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا وهو في بيتي: نائم عندي تلك الليلة في بيتي، فصلى العشاء الآخرة، ثم نام ونمنا، فلما كان قبيل الفجر أهبنا (أيقظنا) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلما صلى الصبح وصلينا معه.. قال: (يا أم هانئ، لقد صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بهذا الوادي، ثم جئت بيت المقدس فصليت فيه ثم صليت الغداة معكم الآن كما ترين)، ثم قام ليخرج، فأخذت بطرف ردائه، فتكشف عن بطنه كأنه قبطية مطوية فقلت له: يا نبي الله، لا تحدث بهذا الناس فيكذبوك ويؤذوك! قال: (والله لأحدثنهموه)، قالت: فقلت لجارية لي حبشية: ويحك اتبعي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى تسمعي ما يقول للناس، وما يقولون له، فلما خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الى الناس اخبرهم، فعجبوا، وقالوا: ما آية ذلك يا محمد؟ فإنا لم نسمع بمثل هذا قط! قال: (آية ذلك اني مررت بعير بني فلان بوادي كذا وكذا، فأنفرهم حس الدابة، فندَّ لهم بعير فدللتهم عليه، وأنا متوجه الى الشام، ثم أقبلت حتى اذا كان بضجنان (جبل يبعد عن مكة حوالي 40 كم) مررت بعير بني فلان، فوجدت القوم نياما، ولهم إناء فيه ماء قد غطوا عليه بشيء، فكشفت غطاءه وشربت ما فيه، ثم غطيت عليه كما كان، وآية ذلك ان عيرهم الآن يصوب (ينزل) من البيضاء (مكان قرب مكة) ثنية التنعيم، يقدمها جمل اورق، عليه غرارتان: احداهما سوداء، والاخرى برقاء...). قالت: فابتدر القوم الثنية فلم يلقهم أول من الجمل (اي اول ما لقيهم الجمل) كما وصف لهم، وسألوهم عن الإناء فأخبروهم أنهم وضعوه مملوءا ماء ثم غطوه، وأنهم هبوا فوجدوه مغطى كما غطوه ولم يجدوا فيه ماء، وسألوا الاخرين وهم بمكة: فقالوا: صدق والله، لقد انفرنا في الوادي الذي ذكر، وند لنا بعير (اي شرد لنا بعير) فسمعنا صوت رجل يدعونا إليه حتى أخذناه. 2 — رواية عبدالله بن مسعود.. يقول ابن مسعود (رضي الله عنه): "اتي الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالبراق — وهي الدابة التي كانت تحمل عليها الانبياء قبله، فحمل عليها (تضع حافرها في منتهى طرفها)، ثم خرج به صاحبه، يرى الآيات فيما بين السماء والارض، حتى انتهى الى بيت المقدس، فوجد فيه ابراهيم الخليل وموسى وعيسى في نفر من الانبياء قد جُمعوا له، فصلى بهم، ثم أتى بثلاثة آنية، اناء فيه لبن، واناء فيه خمر، واناء فيه ماء، قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): فسمعت قائلا يقول حين عرضت علي: ان اخذ الماء غرق وغرقت امته، وان اخذ الخمر غوى وغوت امته، وان اخذ اللبن هدي وهديت امته. قال: "فأخذت اللبن فشربت منه" فقال لي جبريل عليه السلام: هديت وهديت امتك يا محمد. 3 — رواية الحسن بن ابي الحسن البصري: (وحرمت عليكم الخمر، ثم انصرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى مكة، فلما اصبح غدا على قريش فأخبرهم الخبر، فقال اكثر الناس: هذا والله الامر لبين (اي لعجيب) والله ان العير لتطرد شهرا من مكة الى الشام مدبرة وشهرا مقبلة، أفيذهب ذلك محمد في ليلة واحدة ويرجع الى مكة، قال: فارتد كثير ممن اسلم، وذهب الناس الى أبي بكر، فقالوا له: هل لك يا أبا بكر في صاحبك، يزعم انه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع الى مكة، فقال لهم أبو بكر: إنكم تكذبون عليه، فقالوا: بلى، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس، فقال أبو بكر: والله لئن قاله لقد صدق، فما يعجبكم من ذلك! فوالله انه ليخبرني ان الخبر ليأتيه من السماء الى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه، فهذا أبعد مما تعجبون منه، ثم أقبل حتى انتهى الى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا نبي الله، أحدثت هؤلاء القوم انك جئت بيت المقدس هذه الليلة؟ قال: نعم، قال: يا نبي الله، فصفه لي فإني قد جئته. يقول الحسن: فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): فرفع لي حتى نظرت اليه — فجعل رسول الله — صلى الله عليه وسلم — يصفه لأبي بكر، ويقول أبو بكر: صدقت أشهد انك رسول الله، كلما وصف له منه شيئا، قال: صدقت: اشهد انك رسول الله حتى انتهى، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأبي بكر: وانت يا أبابكر الصديق، فيومئذ سماه الصديق.. السيرة النبوية لابن هشام جــ2 ص32 — 34. ⦁ وقد وصف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه ابراهيم وموسى وعيسى (عليهم السلام) حين رآهم في تلك الليلة فقال (صلى الله عليه وسلم): (أما ابراهيم، فلم أر رجلا أشبه قط بصاحبكم، ولا صاحبكم أشبه به منه، واما موسى فرجل آدم طويل ضرب جعد أقنى (الضرب: اي خفيف اللحم والجعد: المتكسر الشعر والأقنى: المرتفع الانف) كأنه من رجال شنوءة، واما عيسى بن مريم، فرجل احمر، بين القصير والطويل، سبط الشعر، كثير خيلان الوجه (والخيلان: الشامات السوداء)، كأنه خرج من ديماس (حمام) تخال رأسه يقطر ماء، وليس به ماء، وليس به أشبه رجالكم به عروة بن مسعود الثقفي. ثانيا: — واقعة المعراج: وقد رويت عن ابي سعيد الخدري (رضي الله عنه) انه قال: (سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: لما فرغت مما كان في بيت المقدس، اتي بالمعراج، ولم أر شيئا قط احسن منه: وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه اذا حضر، فأصعدني صاحبي فيه، حتى انتهى بي الى باب من أبواب السماء، يقال له: باب الحفظة، عليه ملك من الملائكة، يقال له: إسماعيل، تحت يديه اثنا عشر ألف ملك، تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك — قال: يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين حدث بهذا الحديث: وما يعلم جنود ربك الا هو — فلما دُخل بي، قال: من هذا يا جبريل؟ قال: محمد قال: أوقد بعث؟ قال: نعم قال: فدعا لي بخير.. يتبع