04 نوفمبر 2025
تسجيليعيش الاقتصاد العماني ظروفا إيجابية كما تجلى ذلك في بعض النتائج الحيوية للعام 2011 من قبيل تسجيل نمو لافت في الناتج المحلي الإجمالي ولكن ليس على حساب التضخم فضلا عن تحويل عجز الميزانية إلى لافت رغم تعزيز النفقات العامة. طبعا يضاف لذلك ظاهرة رفع مستوى الإنتاج النفطي في السلطنة وفرضية تدني مستوى البطالة. فحسب أحدث الإحصاءات المتوافرة فقد ارتفع حجم الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية قرابة 23 في المائة إلى نحو 72 مليار دولار في العام 2011. ومرد هذه الزيادة الكبيرة ارتفاع كل من أسعار النفط والإنتاج النفطي وتأثيرات ذلك على مجمل الأداء الاقتصادي. وقد تبين بالدليل القاطع الأهمية النسبية الكبيرة وربما المبالغ فيها للقطاع النفطي في الاقتصاد العماني بدليل تشكيله نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي. من ناحية سلبية تعني هذه المعلومة أن الاقتصاد العماني يقع تحت رحمة تطورات الأوضاع في سوق النفط الدولية والتي بدورها تخضع لأسباب اقتصادية وسياسية وأمنية ونفسية. يشار إلى أن عمان ليست عضوا في منظمة أوبك لكنها في العادة تكيف سياستها النفطية مع توجهات أوبك. وقد عززت القيمة المالية للناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد العماني من الأهمية النسبية للاقتصاد العماني ضمن منظومة دول مجلس التعاون الخليجي. يأتي ترتيب الاقتصاد العماني في المرتبة الخامسة خليجيا بعد كل من السعودية والإمارات وقطر والكويت لكن قبل البحرين. يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي للبحرين قرابة 26 مليار دولار بالأسعار الجارية أو السوق أي أقل بكثير من نظيره العماني. وفيما يخص الإنتاج النفطي تشير آخر التقارير إلى بلوغ الإنتاج اليومي حاجز 885 ألف برميل يوميا بزيادة قدرها 2.3 في المائة عن العام 2010. يعد هذا التطور مهما نظرا لمساهمة القطاع النفطي بشقيه النفط والغاز بثلاثة أرباع دخل الخزانة العامة. وبشكل أكثر تحديدا يساهم كل من النفط والغاز بنحو 62 في المائة و13 في المائة من دخل الخزانة العامة على التوالي. ولحسن الحظ، جاءت الزيادة في الإنتاج في الوقت المناسب أي فترة ارتفاع أسعار النفط وبقائها مرتفعة لفترة زمنية. ويمكن الزعم بتميز السلطنة في القطاع النفطي كونها بدأت بتصدير النفط الخام في 1968 وبالتالي مع بزوغ ظاهرة الأسعار المرتفعة للنفط الخام. على العكس من ذلك باعت البحرين نسبة مؤثرة من مخزونها النفطي عندما كانت الأسعار متدنية نسبيا بالنظر لاكتشاف النفط الخام فيها في 1932 أي قبل كل الدول الأخرى في مجلس التعاون الخليجي. وفي كل الأحوال لم يتم تسجيل نمو لافت للتضخم الأمر الذي يعني تسجيل نمو مادي للناتج المحلي الإجمالي. وحسب صندوق النقد الدولي فقد ارتفع معدل التضخم في عمان من 3.3 في المائة في العام 2010 إلى 3.6 في المائة في 2011 وبالتالي ليست زيادة غير عادية. وجاء نمو التضخم كنتيجة مباشرة للارتفاع الحاصل في أسعار المنتجات الزراعية والسلع المعمرة مثل السيارات المستوردة بسبب مسألة أسعار النفط الخام. الأمر الآخر هو حصول تحولات في النتائج النهائية للسنة المالية 2011 من عجز قدره 2.2 مليار دولار إلى فائض قدره 2.5 مليار دولار في نهاية المطاف رغم مسألة رفع مستويات الإنفاق العام. وقد ارتفعت إيرادات الخزانة العامة بنسبة 45 في المائة لنحو 29.7 مليار دولار أي الأعلى تاريخيا. وقد تم تحويل العجز المتوقع إلى فائض رغم نمو حاجز النفقات العامة بنحو 9 في المائة خلال السنة الماضية على خلفية توافر الفرصة والحاجة في الوقت نفسه. بشكل عام حدثت هذه التطورات النوعية بالنظر لتعزيز مستوى الإنتاج النفطي من جهة وارتفاع أسعار النفط مقارنة بالرقم المفترض من جهة أخرى. وكانت السلطنة قد افترضت رقما محافظا قدره 58 دولار للبرميل في السنة المالية 2011. تشتهر عمان بين سائر الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بتبني سياسات محافظة كخيار استراتيجي. في المحصلة سمحت الزيادة في الدخل في رفع النفقات العامة والتي تعتبر حيوية كونها تمثل قرابة ثلث الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة. كما أسهم هذا التطور في تعزيز الثقة لدى مستثمري القطاع الخاص لاتخاذ خطوات مشابهة فيما يخص الإنفاق. عادة يتطلع المستثمرون في القطاع الخاص للقطاع العام للعب دور الريادة في تنشيط الاقتصاد خصوصا في الظروف الصعبة. والإشارة هنا للأحداث التي شهدتها البلاد في بداية 2011 في إطار الربيع العربي بغية معالجة بعض التحديات الجوهرية التي تواجه الاقتصاد العماني. وفي مقدمة ذلك مسألة توفير فرص عمل مناسبة تتناسب وتطلعات المواطنين الداخلين لسوق العمل. تتراوح نسبة البطالة ما بين 12 و15 في المائة في أوساط الموطنين المؤهلين للتوظيف غالبيتهم من الإناث. باختصار يمكن الزعم بأن الظروف الاقتصادية أكثر من إيجابية في البلاد الأمر الذي يفسر لماذا كل الطرق تؤدي للسلطنة هذه الأيام.