14 سبتمبر 2025

تسجيل

لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار

12 أبريل 2011

يظن البعض أن المداومة على الصغائر أمر هين وأن البعد عن الكبائر هو مراد الإسلام، والبعض الآخر يعتقد أن الكبائر كلها في جنب الله مغفورة لقوله تعالى:{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر:53). إلا ذنبين عظيمين: الشرك والقتل، والبعض يستدل على عدم مغفرة الشرك بقول الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا }النساء: 48. وعلى القتل بقوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}النساء: 93. ويقولون: أما الآية الأولى فصريحة الدلالة في أن الشرك لا يغفر، وأما الثانية فإن الله رتب عليها عقوبات خمس حاسمة: جهنم، والخلود فيها، وغضب الله عليه، ولعنة الله التي أصابته، والعذاب العظيم المعد له. هذا هو كلامهم ولسائل أن يسأل إذا كان ما مر صحيحا — وليس كذلك — فهب رجلا وقع في جريمة القتل وأراد أن يتوب فأغلقنا الباب وسددنا الأمل، ماذا عساه صاحبنا أن يفعل!! ببساطة سيتحول من قاتل محلي إلى آخر محترف، لن تردعه عقوبة طالما الرجاء في الله قد أغلقه البعض، على أن ما قالوه مخالف للقرآن الكريم، إذ يقول الله عز وجل في سورة الفرقان {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا * وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } فالآية الأولى جمعت الشرك والقتل وجعلت عاقبة ذلك العذاب المهين المضاعف مع الخلود فيها، لكنها ذكرت التوبة عقبها وأن صاحبها إن صدقت توبته مغفور له بل ومن عطاء الله عز وجل أن سيئاته تنقلب إلى حسنات وهذا من كريم عفوه وفضله ومنه على عباده. والجمع بين الآيتين ذكره غير واحد من أهل العلم، فالشرك الذي لا يغفر والقتل الذي يغتفر ويوجب لصاحبه الخلود في النار هو ذاك الشرك الذي مات صاحبه وهو معتقدا به غير مبال بما صح من الأخبار والآثار التي تجعل صاحبها مشركا بالله، وكذا القتل الذي لم يتحلل صاحبه منه ولم يتب ومات مكابرا معاندا يستحل دماء الناس بلا رادع يردعه من دين أو إيمان كلاهما مات على ما اعتقد من الآثام هذا هو المعني والله المستعان.