10 سبتمبر 2025
تسجيلللخير أبوابٌ تُطرق، ومدارات تُسلك، وسعي حثيث يُطلب، فمن أراد الخيرية في حياته، لابد أن يسعى طلباً بتزكية النفس، وتنقية النوايا، تهذيب الجوارح، والاتزان بين المسك والترك، والإقبال والادبار، فما الارتقاء في مدارج النور إلا هبة ربانية التقت مع سعي وطلب، وما الهداية سوى استهداء والتماس لدروب النور من الهادي سبحانه. ولعل رمضان الشهر العزيز الكريم هو أحد تلك الطرق، وواحد من تلك الأبواب، ولعله من تلك الجواهر التي لا تُسفر عن رونقها إلا لكل مُقدّر لجمال بهائها وسموّ قيمتها، يتبدى منه لكل امرئ حسب خبيئته، ويُشرق على كل نفس حسب ما وعت وأدركت منه، واتصلت به من الكنوز المخبأة فيه، فمن جد في الخير وجد، ومن سعى أن يتصل بالرحمة والمغفرة والإكرام فله ما اتصل به، ومن أصرّ على أن لا يبصر في الشهر إلا مظاهره، وتعامل جوارحه مع الجوع والعطش، فله بقدر ما أبصر ! وشتان بين بصر قاصر وبصيرة نافذة، وبين سمو روح لا يُحدّ وبين سجن جسد مأسور ! ولعل الأجمل في الأمر أن الاختيار سيظل دائماً بيد المرء، فمن أراد الخير تعمّد أن يتعرض لنسماته، فمع كل إقبالٍ للشهر الكريم نسمات حب تضوع، وبركات خيرٍ تنتشر، وأنوار سكينة تحل، وآفاق سعادة تُقبل. فهو كوة من النور المُشرق، وفرجة من الخير الوافد، تُزهر فيه النفوس، وتأنس الأرواح، وتتعانق القلوب، وتلتقي الوجوه الضاحكة المستبشرة بوابل الرحمات والمغفرة يفوح عبير الصلوات، وتحلق الدعوات عالياً في السموات تظلل الأرواح المتعبة، وتمنح الأمل للأنفس المقبلة، وتُسعد القلوب المتأملة بالله خيراً.. تتصافح الأفئدة، وتتزكى النفوس، ويُبادر أولو الفضل بالفضل، ويلحق من يريد بالقافلة، فإنها لن تعدم اشتمال من تخلّف من الركب وإن عز لحاقهم أو أبطأ، المتأملون بالصلاح والفلاح والمغفرة وحُسن المآل، الذين لن يُحبط عملهم لأن ظنهم بالله حاضرٌ دائماً.. لا يغيب ! لحظة إدراك: لعل من باهي الفرص أن يُفتح لك من الأبواب لترقية نفسك، وسموّ وجدانك، وتستقبلك السموات للعروج في مدارج الإحسان والقرب من الكريم، فلا أجدر بالمرء إلا أن يُدرب نفسه ويهذب جوارحه حتى تستطيع إدراك كل ذلك حقاً بالوعي والتجربة، لا باللسان والجارحة، فيصبح لسان الحال لا المقال متصلاً بالله، متنعماً في خيره، وقرب وصله، وشكر آلائه ونعمه، قد حيزت له الدنيا بحذافيرها وجاءته وهي راغمة.