15 أكتوبر 2025

تسجيل

نواطير مصر السيسي وثعالبها

12 مارس 2019

لم تعرف بلادنا العربية نظاماً سياسياً يدير الشؤون الداخلية لبلاده، وعلاقاتها الخارجية، وكأنه تاجر فاسد الذمة، كما هو حال النظام الانقلابي في مصر. فمنذ نجحت أبوظبي والرياض في تعيين السيسي رئيساً، ومصر تتهاوى سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وتفقد مكانتها وتأثيرها عربياً وإسلامياً ودولياً، ورغم ذلك، يصر نظام السيسي على الصراخ الإعلامي بإنجازات لا وجود لها في الواقع، وانتصارات لا نراها ولا نشعر بها، وبتقدير عالمي لتجربته في الحكم لم يسمع به أحد. مما يشكل نموذجاً فريداً في الأنظمة السياسية لابد من قراءته من زوايا عدة. 1) مصر ونواطيرها وثعالبها: هذا العنوان الفرعي مأخوذ من بيت لشاعرنا العربي الكبير، أبي الطيب المتنبي، قاله، قبل أكثر من ألف عام، في هجاء حاكم مصر كافور الإخشيدي: نامتْ نواطيرُ مصرَ عن ثعالبها فقد بشمنَ وما تفنى العناقيدُ مشبهاً مصر بالمزرعة التي لا تفنى خيراتها، لكن النواطير غفلوا عن حراستها، فتناهبها اللصوص والفاسدون، وامتلأت بطونهم بالمال الحرام. وبعد ألف عام، كانت المفاجأة أن النواطير هم الذين ينهبونها بدعم من ثعالب الصهاينة والمتصهينين العرب. فقد تحولت إلى دولة ليس لشعبها إلا الحق في الحياة بالصورة التي تريدها المؤسسة العسكرية التي يقوم كبار ضباطها بتولي المناصب المدنية، ويعملون لقمع أي صوت يطالب بأي حق طبيعي وأصيل للمواطنين، من إصلاح البنى التحتية، وتنشيط الاقتصاد وتحريره من هيمنة الجيش، وتوفير الوظائف، وحرية الرأي، والاحترام الواجب للإنسان في وطنه. فالمهم، عندهم، هو إرضاء السيسي ليسمح لهم بنهب الفتات المتساقط عن مائدة فساده. 2) مضحكات مصر السيسي ومبكياتها: في قصيدة أخرى، هجا فيها المتنبي كافور الإخشيدي، قال: وكمْ ذا بمصرَ منَ المضحكاتِ ولكنــه ضـحكٌ كالبــــــــــــــكا فحين نسمع السيسي يقول لشعبه إنه شعب فقير جداً، ويصف مصر بأنها فقيرة، شحيحة الموارد، فإننا نضحك، والألم يعتصر قلوبنا، لأننا نعلم أن مصر ثرية بإنسانها الذي لا يحتاج إلا للعدالة والحرية لينهض ببلاده والمنطقة كلها. وغنية بمواردها من الزراعة، والسياحة، والثروات المعدنية، وقناة السويس، وسواها من ثروات تتبدد في دوامة استبداد وفساد النظام، ولهاثه لنهب ما يستطيع منها. كما أننا نضحك، وقلوبنا تتصدع وجعاً، حين يتحدث السيسي عن مليون طفل يولدون كل عام، متسائلاً من أين سيوفر لهم وظائف. ويتناسى أنهم ثروة بشرية ستصنع لمصر ثروات من العقول والمختصين والعاملين في كل المجالات لو توفر لهم تعليم جيد، وظروف حياتية تليق بالبشر. أما أكثر الأمور إضحاكاً، فهو حديثه عن أنه لا يبالي بدراسات الجدوى، وانه لو التزم بها فلم يكن ليستطيع تحقيق (إنجازاته). فهل هذا حديث يليق بحاكم دولة ضخمة تعاني من انهيار اقتصادي لا يسمح بتبديد جنيه واحد دون تخطيط محكم لكيفية صرفه؟. 3) أفعال السيسي وظنونه: يقول المتنبي في إحدى روائعه: إذا ساءَ فعلُ المرءِ ساءت ظنونه وصــــــدَّقَ ما يعتاده منْ توهُّــمِ فالسيسي يعلم أن ديكتاتوريته، وإجرام نظامه، وبيعه لأرض مصر، والحب العظيم المتبادل بينه وبين الصهاينة، هي أفعال بلغت من السوء درجة العار الوطني والعربي والإسلامي والإنساني. لذلك، نلاحظ أنه يعيش حالة من عُصاب الخوف القهري من الآخرين، ولا يثق بأحد، ويرى في كل الناس أعداء محتملين له، فيحاول التقليل من أقدارهم، كما فعل مع وزراء نظامه مرات كثيرة. ويلفت الأنظار إصراره على وصف نفسه دائماً بالصدق والأمانة، وبإيحائه للمصريين بأنه نعمة عظيمة لا يستحقونها، وليته يعلم أنه ليس بحجم مصر وشعبها. 4) تجديد الخطاب الديني: الشيء الوحيد الذي يقلق نظام السيسي هو الإسلام الذي يشكل خطراً على الكيان الصهيوني والمتصهينين، لذلك يسعى لتدمير ركائز عقيدته، بحجة تجديد الخطاب الديني التي لا تفعل أكثر من إلغاء مفاهيم الشورى والكرامة الإنسانية. إنها محاولة ستفشل كما فشلت سابقاتها طوال التاريخ، وسيبقى الإسلام ويزول الطغاة والمستبدون. ◄ كلمة أخيرة: الربيع قادم حتى لو حاول الطغاة قطع كل الورود.   [email protected]