15 سبتمبر 2025

تسجيل

بدر شاكر السياب

12 مارس 2013

من جديد؛ بدر شاكر السياب مثار احتفاء الصحافة الثقافية، ففي ملحقها الأسبوعي خصصت السفير البيروتية مساحة من أربع مقالات لرائد الحداثة الشعرية في "بلاد العرب أوطاني" رغم أن محاولات كثيرة أرادت سحب اللقب والبحث عن أشخاص آخرين يحمّلونهم هذا اللقب، ولعل عباس بيضون أشار إلى خطورة هذا المسعى، بأن معركة الريادة قد ظلمت الرجل، ودعا إلى الالتفات إلى نصوصه، وقصائده " العصماء" وهذه العبارة تفتقر إلى أن تتوج بها النصوص، حيث أنتج السياب عموداً خاصاً بقصيدته: " يسحرنا حين يجعل من القصيدة وحدة لحنية". ويضيف الناقد العراقي علاوي كاظم أن المناهج المختلفة عزلت قصيدة السياب عن قارئها دون توصيفات مسبقة، " ولذلك ضاع السياب الشاعر وقارئه المصاب بالعدوى في خضم الدراسات والتعليقات والمرافعات والبحث عن إنجاز (يحطم) البيت الشعري العربي". فيما استعاد الشاعر اللبناني محمد علي شمس الدين قراءة خالدته" أنشودة المطر" التي يرى أنها ليست قصيدة شكل، بل هي ذات سياقات وتدافعات صورية وإيقاعية، وذات وجد تلقائي عارم. فيما يكتب الناقد الصحفي المصري عن أثر نصوص السياب في الذائقة الأدبية مستشهداً بأيام أمل دنقل الأخيرة حيث كان يترنّم بعبارات ومقاطع من النصوص التي أحبها:" كانت قصائد بدر شاكر السياب هي الأكثر ترديداً لديه. كان أمل يدرك بحسه الإنساني قيمة هذه القصائد، لا باعتبار السياب رفيق مرض، بل للقيمة الفنية التي ضمتها هذه القصائد، مستذكراً عبارات " وفي العراق جوع....ما مر عام والعراق ليس فيه جوع.. الشمس أجمل في بلادي من سواها، والظلام حتى الظلام هناك أجمل/ فهو يحتضن العراق.". ومشيراً في الوقت نفسه إلى الأثر الواضح للشعر العراقي الحديث في المشهد المصري أكثر من الشعر الشامي الذي كان يكتنفه الغموض. لم يكن ثمة مناسبة للاحتفاء بالسياب فالرجل ولد في ديسمبر، ومات في الشهر ذاته بعد ثمانية وثلاثين عاماً بالتمام والكمال، ولكنه السيّاب الشاعر الذي بحث عن الخلاص في القصيدة، ولكنّ الموت عاجله شاباً، لما تكتمل ضربة فرشاته الأخيرة في اللوحة. وليس مهماً أن يكون أوّل من ألقى حجراً على قطار الشعر العربي العتيد، بل تكمن أهميته في أنه شاعر حقيقي، عذابه مداد عذوبته، وكان المعبّر الحقيقي عن الحراك العربي آنذاك، وعن الشخصية العربية التي سجلت نزوعاً واضحاً إلى عصر جديد مليء بقيم الخير والحق والجمال.