17 سبتمبر 2025

تسجيل

معارك التنوير العربية!

12 فبراير 2014

معارك التنوير معظمها كانت في مواجهة التعصب والتطرف والانغلاق والدفاع عن العقلانية والحقوق الإنسانية الرئيسية. المواجهة الكبرى تمحورت ضد إلغاء الآخر أو نفيه أو عزله أو تهميشه، فلم يكن الاعتراف واردا في حقوق الإنسان المسيحي أو حتى الكاثوليكي الغربي إذا كان البلد ذا أغلبية كاثوليكية، والبروتستانتي إذا كان ذا أغلبية بروتستانتية، وفي سبيل التخلص من هذه التركة الثقيلة سالت الكثير من الدماء وزهقت العديد من الأنفس والأرواح البريئة على كل الجوانب والكل ذاق المرارة بدرجة أو بأخرى. وبعد مئات السنين من وصول العقلانية والحداثة في أوروبا وتجاوزها إلى ما بعدها، يكتوي العالم العربي والإسلامي اليوم بالمصير ذاته من الدخول في الأيدلوجيات المغلقة، والتطرف الحاد، والحروب المفتوحة والتي تمزج بين السياسي والديني والمذهبي والاثني والإقليمي والدولي.لكن من رحم المحن تولد المنح والعزائم، ويكمن الاختلاف انه في الطرف الآخر الغربي، كان يقف مفكرون عظماء وفلاسفة، خاضوا معارك العقل والفكر الشرسة والطويلة، من صرخة إيمانويل كانت "اعملوا عقولكم أيها البشر! لتكن لكم الجرأة على استخدام عقولكم! فلا تتواكلوا بعد اليوم ولا تستسلموا للكسل والمقدور والمكتوب. تحركوا وانشطوا وانخرطوا في الحياة بشكل إيجابي متبصر. فالله زودكم بعقول وينبغي أن تستخدموها"، مرورا بهوبز، سبينوزا، لايبنتز، لوك، بايل، جاليليو، جان جاك روسو، وفولتير اسحقوا العار، ومقولته المشهورة (إن الذين يجعلونك تعتقد بما هو مخالف للعقل، قادرون على جعلك ترتكب الفظائع)؟! ووصولا إلى، ديدرو، كوندورسيه، ليسنغ، كانط، هيغل، ونيتشه، هولدرلين، فوكو ودريدا.بالمقابل تبقى الساحة العربية خاوية على عروشها حتى بعد الثورات العربية. ويتقدم الركب المثقفون المدجنون، وخدام السلطة، والمطبلون، والمصفقون، والمرتزقة، والشبيحة، وملايين المتفرجين من الخليج إلى المحيط. الحقوق الإنسانية الأساسية والقانون الأخلاقي يتم التلاعب به والالتفاف عليه، فلا قيمة للكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية والدستور والتسامح الديني والمجتمع المدني وحقوق الأقليات، وكل المعارك التي قامت لأجل تمكينها والدفاع عنها ليس لها أي قيمة، بلا طعم ولون ورائحة.. يذكر انه عندما توفى إيمانويل كتبت على قبره وعند تمثاله عبارة شهيرة مقتطفه من كتابه نقد العقل العملي "شيئان يملآن قلبي بالإجلال والإعجاب المتجددين المتعاظمين على الدوام كلما أمعن التأمل فيهما: السماء المرصعة بالنجوم من فوقي والقانون الأخلاقي في داخلي".