16 سبتمبر 2025
تسجيلكان خدّ المعرة ترباً، لم تمسحه كفّ حانية، ولم تغسله شآبيب شتاء، والمعرّي ينام حزيناً، لم يكن "ضاحكاً من تزاحم الأضداد"، ولم يكن على الليل " قلائد من جمان"، فليل المعرّة الطويل وقف على زيارة الطائرات والقصف الجهنّمي، وفي المعرة يصير القبر قبراً مراراً لقتيل على بقايا قتيل، وفي المعرة تشتبك اللغة والموت والجرح السوري الغائر، ودون ثورة الفكر ألف مسيح مصلوب، وغرّة أمل، وحصان من النور مازال يجري في ملكوت الشهداء. لم يكن المعرّي ضاحكاً والضحك في عرفه سفاهة، وقد "حُقّ لسكان البسيطة أن يبكوا" وهم يرون ليل المعرّة الطويل مع الذئاب واللصوص والنسور القشاعم، ومع الموت المجاني المقيم في البلاد وقد سرّه طول المقام، وكثرة الطعام، والقوم الكرام. "غير مجدٍ" نواحُ قصائدكم، خذوا للّيل " ما لم يستطعه الأوائل "، خذوا شغف الريح، ولوذوا بصبركم، خذوا نجمة الصبح ومزن أبريل وخيول الشعر الجاهلي، ليلكم الطويل في البحث عن عشبة جلجامش، فجلجامش السوري يحتاج إلى ألف أنكيدو، والصباح الجديد يحتاج إلى شمس قريبة. يتداعى البحر الخفيف، ينطوي على تفعيلاته وينام، تتداعى خيول الشعر الجاهلي، أعدتها واحدة إلى نصوصها، يتداعى قمر المعرة أهلّةً نحيلة شاحبة، يرمقني المعرّي بعين بصيرته وكأنّه يراني، يهش بعصاه على الطائرات والطغاة والنصوص الرديئة وسماسرة الحرب والسلام، أهمّ بالنصّ..فترتبك الحروف الجديدة؟ كم نجمة زينت اليوم سماء سورية؟ كم شمعة أضاءت فكرة الحب؟ كم قوساً في يدين ضمّ فكرة جديدة، كم عبساً وذبيان ستولد في فكرة؟ وتدفن في عزيمة: " عفاف وحزم وإقدامٌ ونائل". . خدّ المعرة تلطمه الطائرات، سيقول إن خدودنا اعتادت اللطم، وأن الكتابة الجديدة تحتاج حروفاً يتقن قراءتها جميع السوريين " فلا هطلت عليّ ولا بأرضي..سحائب ليس تنتظم البلادا"، ستقول: "عللاني فإن غيم الدخانِ / مستبيحٌ معرّة النعمانِ / ليلتي هذه نؤوم على القصف كانت وردةً كالدهانِ / هرب الأمن عن جفون اليتامى / وتداعت له عن كلّ ليلٍ جبانِ / خفّف الوطء يا سليل المنافي / واجث ردحاً على بقايا المكانِ / وخذ الليل خيمة كم تداعت / وعلى النازحين في الأكوان/ غير مجدٍ في همة الموت أن تثني صباحاً عن حقه في الزمان".