11 سبتمبر 2025
تسجيلإن حكومة دولة قطر ووفق الرؤية المخطط لها للتنمية البشرية قد وضعت الخطط الإستراتيجية بالتعاون مع الجهات المُختلفة في الدولة من جهات تعليمية والوزارات المعنية بالتوظيف والجهات الخاصة؛ لوضع اليد على احتياجات سوق العمل القطري، وسد هذا النقص في جميع التخصصات من الوظائف الإدارية والمهنية والأكاديمية والتي يتم بناءً عليها ابتعاث المواطنين داخلياً وخارجياً، والتي تقوم الدولة فيها بتحمل التكاليف المالية كاملة في سبيل هذا الاستثمار البشري؛ والذي يهدف إلى التطوير في جميع مجالات الدولة. ولكن في حال وجود خلل في أحد تلك الأركان والجهات المُترابطة والتي قامت بوضع تلك الإستراتيجية سيتم عنها بلا شك خلل متكامل في منظومة العمل، وهدر للمال العام ودون سد الاحتياجات التي تم ابتعاث الطُلاب لها. يحدثني أحد الأخوة من الأطباء مبدياً استغرابه، إنه على الرغم من قلة عدد الأطباء القطريين والممرضات الذين تم ابتعاثهم ؛ بهدف زيادة عدد الأطباء القطريين إلا أنك تجد أن هذا الطبيب أو الممرض تتم ترقيتهم إلى وظيفة إدارية مكتبية بعيدة عن العمل الطبي !. بالنسبة للموظف فإنه لا يُمانع في هذه الترقية بما أن الفائدة المالية واقعة عليه، ولكن هُنا نجد فقداناً لكادر طبي وعودة النقص في هذا المجال إلى مرحلة الصفر، ونجد أنفسنا في خطة إستراتيجية متمددة وتصل إلى ما لا نهاية. كما أننا نرى وبشكل مُستمر نزوح الكادر التعليمي القطري من مجال التعليم وذلك بجميع مراحله التعليمية، وعلى الرغم من قلة عدد هذا الكادر إلا أنك تجد توجههم وبحثهم عن وظائف أُخرى خارجة عن مجالهم، وبذات الوقت نجد أن هُناك فقدانا لدراسة واضحة لرؤية الأسباب ومُعالجتها من قبل المسؤولين، بل في المقابل نرى استمرارية استقطاب للكوادر التعليمية من الخارج لسد الاحتياج للكادر التعليمي. إن من حق كُل مواطن البحث عن فرص وظيفية ومادية أفضل، ولكن ليس من حق المواطن الذي قام باختيار تخصصه طوعاً أن يعود بعد أن بذلت جهات الدولة كل السبل في ابتعاثه وتسيير شؤونه أن يعود ليبحث عن وظيفة لا علاقة لها بدراسته. إن من حق المواطن أن يطلب النقل من وظيفته التي تعين عليها وفق تخصصه المبتعث عليه أو انتقاله إلى جهة أُخرى، ولكن بشرط أن يقضي فيها فترة كافية وتكون محددة بالقانون. كما يجب على الجهات المعنية مُحاسبة القائمين على مسؤولية التوظيف في الدولة في حال خرقهم للخطة الموضوعة للابتعاث، والتي رأينا أحد أخطائها الفادحة بترشيح موظف مبتعث بعد انتهاء بعثته الدراسية لوظيفة سائق!. فعندما نتحدث عن طالب أنهى دراسته الجامعية في تخصص الشؤون الدولية ويتم تعيينه كأخصائي إدارة مكتبية، فهنا لدينا خلل وهدر لهذا الكادر. وعندما يكون لدينا موظف مهني في هندسة البترول ويتم تعيينه رئيس قسم لشؤون إدارية، فإننا نُهدر طاقة بشرية ونفقد خبرة. وبتعيين كادر أكاديمي معني بالأبحاث المهنية والعلمية وانحراف المسار الذي يهدف إليه من نقل هذه العلوم للطلاب إلى كادر في منصب إداري لا أكاديمي نُهدِر علوما فكرية وأكاديمية. أخيراً إن الهدر التعليمي يُضاهي في هدرهِ هدراً للمال العام، بل قد يفوق ذلك، فإن خسر الوطن الكادر البشري فسيظل هذا الوطن في حاجة استقطاب للكوادر البشرية من الخارج واعتماده عليها، وهذا يعني توقف التنمية البشرية الوطنية وهيّ خرقٌ خطير لإحدى الخطط الأساسية التي تسعى إليها الدولة لتماسك المجتمع وأمنه. bosuodaa@