15 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في كتابه "فلسفة الطبيعة" (أي قوانين الله في الكون)، يقول (إسحاق نيوتن) صاحب فكرة (الجاذبية الأرضية) عام 1687 "إنَّ لكل فعلٍ ردة فعلٍ موازية له في القوة، معاكسة له في الاتجاه". لماَّ كان (نيوتن) بطبيعة الأحوال عالماً مادياًّ يؤمن بأن "الطبيعة" هي التي تدير الكون ومن وما فيه، فإن الله قد علَّمنا أن "الطبيعة" ما هي إلا مجرد جندي من جنوده "وما يعلم جنود ربك إلا هو" (سورة المدثر: 31) وأنه هو سبحانه من يدير الكون ومن وما فيه. إذن.. القانون الإلهي المقابل لقانون (نيوتن) هو: أن "الجزاء من جنس العمل وكما تدين تُدان" أو"جزاءً وفاقا" (سورة النبأ: 26) أي الجزاء على قدْر الذنب.المذبحة التي حدثت في مبنى مجلة (شارلي إيبدو) الفرنسية يوم الأربعاء مهما كانت الأسباب والمسببات لدى الأخوين (كواشي- شريف وسعيد) الجزائريين الأصل، الفرنسيين المولد والجنسية بَيْدَ أنها لا تبرر في المطلق الاعتداء على مواطنين موظفين مدنيين أبرياء عزَّل. سواء وصفت الحادثة "بالإرهاب" أو بأنها ردة فعل (حسب نيوتن) أو أنها الجزاء من جنس العمل (وفقاً لسنن الله الثابتة في الكون) في كلتا الحالتين، ما حدث كان مريعاً، فقد أودت الحادثة بحياة اثني عشر شخصاً بينهم أربعة من رسامي (الكاريكاتير) الأكثر شهرة في فرنسا والموظفين بالمجلة، وما وقع بعد تلكمُ الحادثة في المتجر اليهودي على يد (أمِدي كوليباري) بمعاونة زوجته (حياة بومدين) وما ترتب عليه من قتلى وجرحى. المعروف عن مجلة (شارلي إيبدو) أن رسوماتها (الكاريكاتيرية) قد ركزت في العقد الأخير على تصوير رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) على أنه "إرهابي" وهي حلقة في سلسلة انتشرت في أوروبا قادتها بالخصوص (هولندا والسويد وفرنسا) ضمن ما يُعرف (بالإسلام فوبيا) والمجلة أيضاً تصف (الكاثوليكية واليهودية) أيضاً بأوصاف لا تليق غير أنها لم تَرْقَ إلى إغضاب أنصار الديانتين، عدا الفيلم البريطاني-الإيطالي المشترك عن النبي (عيسى عليه السلام) عام 1977 الذي حمل اسم (عيسى نبي الناصرة) والذي أخرجه الإيطالي (فرانكو زيفيريلّي) الذي رآه أتباع (النصرانية) مُخِلاًّ بالذوق الديني وقامت على إثْره مظاهرات في أمريكا وأوروبا وتم الاعتذار من منتج الفيلم.تعتبر مجلة (شارلي إيبدو) علمانية معادية لفكرة الدين (أي دين) لدرجة النقمة على الدين، وهي بذلك متخصصة في (ليس النقد الديني) كما يُشاع (وهو مجال أكاديمي محترم وفكر موضوعي يستحق التقدير بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف حوله) وإنما هي تكثف جهودها على الهجوم على الرموز الدينية. ذلك كله صحيح إلا أن ردة الفعل من شخصين غيورين على دينهما كان يمكن أن تكون بشكل آخر علمي وموضوعي لا يحتكم للعنف، وبالتالي لا يسيء أكثر لا نقول إلى صورة (الإسلام) فهو دين الله والله متكفل بحفظه بل نقول لصورة المسلمين عموما في أمريكا وأوروبا والعالم بنسب متفاوتة.الغريب أن جريدة (لو فيغارو) الفرنسية نشرت الخميس أي اليوم التالي للحادثة تحليلاً يستحق التفكر. قالت الجريدة: إن الحكومة الفرنسية منذ سنوات وهي تشدد الحراسة على هذه المجلة بالتحديد لوجود أشهر رسامي (الكاريكاتير) الفرنسيين فيها، وقد وصف الكثيرون الطوق الأمني المضروب حول المجلة بأنه ليس فحسب من الصعب بل من المستحيل بمكان اختراقها. وأضافت (لو فيغارو) أن الحكومة الفرنسية كانت حريصة على ألا يتم حدوث أي تَراخٍ أمنيٍّ حول مداخل ومخارج مجلة (شارلي إيبدو) نتيجة لطول سنوات الحماية، لسبب يُعزى لاستهدافها من "إرهابيين جهاديين" (حسب الحكومة الفرنسية) علماً بأن الحكومة الفرنسية تدرك أن المجلة تستفز بالتحديد مشاعر المسلمين لاسيَّما في فرنسا التي تضم أكبر عدد من المسلمين الفرنسيين في كل الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك كانت تنظر كما قال (برنارد كازنوف) وزير الداخلية الفرنسي إلى المجلة على أنها تمثل أحد الرموز الفرنسية وهو (حرية التعبير) وتناست عن أن (حرية التعبير) لا تعني إهانة المواطنين الفرنسيين المسلمين لأن حسب الدستور الفرنسي صون كرامة المواطن الفرنسي أهم من (حرية التعبير) عندما تصطدم بكرامة المواطن. الأغرب من كل هذا أن (لو فيغارو) طرحت سؤالا مهما وهو كيف تم رغم كل ذلك الطوق الأمني اختراق المجلة من الأخوين (كواشي؟) وتفترض الجريدة واسعة الانتشار في فرنسا والعالم أن (اللوبي الصهيوني اليهودي الإسرائيلي) وذراعه الاستخباراتية (الموساد) يمكن أن يكون لهما ضلع في الحادثة. وتمضي (لو فيغارو) في افتراضها مفسرةً ذلك بأن هذه السنة سنة سيئة للحكومة الإسرائيلية إذ بدأت دول في الاتحاد الأوروبي تعترف بالدولة الفلسطينية من ناحية ومن ناحية أخرى أدى رفض (مجلس الأمن الدولي) لطلب فلسطين إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة نتيجة (الفيتو) الأمريكي طبعاً إلى نفاد صبر الرئيس (محمود عباس) رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية الذي وقّعَ على الانضمام لمحكمة (الجرائم الدولية) تمهيداً لمحاكمة رموز إرهاب الدولة الصهاينة، وأن (التنسيق الأمني) بين السلطة والصهاينة الذي يراه كثير من الفلسطينيين والعرب والمسلمين على أنه مشؤوم أضحى الآن مهدداً بالتوقف وهو ما لا تتمناه "إسرائيل" وأن "إسرائيل" لم تشهد في تاريخها عزلة دولية كما تشهدها اليوم. إذن حسب (لو فيغارو) تلكمُ من العوامل التي على الأقل سهلت اختراق مبنى مجلة (شارلي إبدو.) يعيد كلام (لو فيغارو) هذا للأذهان ما ذكره المفكر الأمريكي الكبير (ديفيد دِيوك وهو بالمناسبة صديق شخصي للكاتب) في كتابه الأكثر مبيعاً في أوروبا عام 2003 بعنوان (الاستعلائية اليهودية) أن سنة2000 كانت أسوأ سنة علاقات عامة لإسرائيل في العالم نتيجة اقتحام الهالك (أريل شارون) الحرم القدسي متبوعاً بحرسه المدججين بالسلاح .لا شك أن ما حدث في فرنسا كان صفعة جزائرية بامتياز (مع رفضنا المطلق للعنف ضد المدنيين العزَّل) تذكرنا (بالداي حسين) الذي طرد القنصل الفرنسي (شارل دوفار) عام 1828 ولوَّح له بالمروحة طالباً منه أن تعيد فرنسا العشرين مليون فرنك فرنسي الذي اقترضته من (الجزائر) فقد كانت (الجزائر) أغنى من فرنسا ومن كثير من دول أوروبا والعالم. كان ذلك هو السبب المباشر للحرب الفرنسية على الجزائر واحتلالها منذ 1830 - 1962. إذن، يشعر الكثير من الجزائريين خاصة الجزائريين الفرنسيين المقيمين في فرنسا أن فرنسا هي سبب إفقارهم فقد كانت الجزائر تُقرض فرنسا وكانت تصدر إليها القمح وكان الدينار الجزائري يزهو بقامته عاليا بين عملات الدول الغنية في بداية القرن التاسع عشر. ومنذ 1830 إلى هذا اليوم .