19 سبتمبر 2025

تسجيل

هل السياسة الدولية هي الشيطان؟ أم أنها أكثر شيطنةً من الشيطان؟

02 مارس 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); السياسة الدولية: “كَمَثَلِ الشيطانِ، إِذْ قالَ للإنسانِ اكفرْ، فلمَّا كفرَ، قال إني برِيءٌ منكَ إني أخافُ اللهَ ربَّ العالمين” (سورة الحشر، رقم59، الآية16.) طبعاً، مع فرق أن “السياسة الدولية” تثبت تقريباً كل يوم أنها أكثر شيطنةً وشيطانيةً من الشيطان. على الأقل، الشيطان قال: “إني بريءٌ منكَ، إني أخافُ اللهَ ربَّ العالمين” بَيْدَ أن “السياسة الدولية”، لا تقولُ ذلك لمن تأمرهم “بالكفر” أي (بأن يقتلوا ويدمروا) ولا تُبدي خوفاً – كما يَظهرُ لنا - من ربِّ العالمين. لذلك من وصفها بأنها “الشيطان الأكبر” لم يبالغ كثيراً. أذكر أنني قرأت مذكرات (MEMO) في منتصف الثمانينات (لفرح ديبا) شهبانو إيران، حرم الإمبراطور- الشاه الإيراني (محمد رضا بهلوي آريامَهِر، ومعناها “ملك الملوك”.) قبل الحديث عن ما ورد في تلك المذكرات، أود القول إنه طبعاً من النظريات الشائعة أن (الشاه) أحد المصنَّعين من حكام العالم وهذا حدث ويحدث ليس فحسب في إيران أو الشرق الأوسط. غالباً ما تشير التقارير التي ظهرت مؤخراً عن مثل هؤلاء (من الحاليين) وأولئك (السابقين) القادة المصنّعين في غرف المخابرات إلى عبارة “he's our boy هو ولدنا. تأمره “السياسة الدولية” أنْ يفعل ما يشاء بضوء أخضر، يسحق معارضيه، يظلم، يتعسف، يقتل بدمٍ بارد، يتجبر،مقابل ماذا؟ أن يحافظ على مصالحها وقطعاً وبالضرورة على مصالح “إسرائيل” إذا كان (الحاكم) من الشرق الأوسط أو من العالم العربي أو من أحد البلاد الإسلامية.تقول (فرح ديبا) بعد أن ركبنا الطائرة أنا و(الشاه) والأولاد، وقد عين الشاهُ (شهْبور بَخْتيار) رئيس وزراء أزمة، عام 1979، أدرك الشاه وأدركنا جميعاً أننا لن نعود لإيران، وأن “السياسة الدولية” ذاتها بعد أن رأت عشرات الملايين في شوارع (طهران) والمدن الأخرى تنتفض ضد (الشاه) نفضت يديها منه. بمعنىً آخر “السياسة الدولية” قالت له “إني بريءُ منك”، لأن دور (الشاه) قد انتهى وارتأت “السياسة الدولية” التي لا قلبَ ولا مشاعرَ لها، فقط مصالحها ومصالحها فقط، أن تأتي بأقوام آخرين لتبدأ معهم لعبةً أخرى.وتكمل (فرح ديبا) أن الشاه قال لها على متن الطائرة: “كنت أحسبُ أن الشعب الإيراني يموت فيَّ”. لأن الرجل كان يثق في تقارير خوصِّه من البطانة السيئة الذين ينقلون له عكس نبض الشارع ويصورون له أن كل شيء تمام التمام، كما حدث ويحدث وسيحدث مع كل الديكتاتوريين. لم يكلف نفسه مؤونة التحري عن الحقيقة بل عَزل نفسه أو عزله خواصه في برجه العاجي لتمشي مصالحهم كعادة كل أفراد البطانة المتعفنة في كل زمان ومكان، الذين لا ينظرون إلا إلى مصالحهم وانتفاخ أرصدتهم المالية وليذهب الحاكم والشعب والوطن إلى الجحيم لأنهم قادرون على الفرار كالجرذان والفئران من السفينة الغارقة إلى أوروبا وأمريكا وغيرهما.من الغرابة أن (فرح ديبا) من قهرها وإحباطها وحزن اللحظة قالت للشله الحزين: “إن السياسة الدولية استخدمتْكَ كورق التويليت، ثم رمت بك في صندوق النفايات”. باعتباري محاضراً ودارساً للطب التكميلي Psychosomatics إخالُ أن (الشاه) أُصيب بأولى بوادر السرطان (الذي مات به بعد ذلك بسنة في القاهرة) بسبب الحوار الذي دار بينه وبين حرمه على متن الطائرة.ليس بالضرورة أن تكون التقارير التي تخرج من إحدى دول “السياسة الدولية” صحيحة بالكامل أو في أجزاء منها، وقد تكون صحيحة لكنْ، تنقصها بعض الدقة، في السرد والتحليل. تعلمت من البحث العلمي – من بين ما تعلمت منه- أن أتناول مثل تلك التقارير بعين التحفظ، أحللها، وأربطها بأحداث بعينها ثم أقدم استنتاجاتي.من التقارير الدولية الأخيرة التي اطلعتُ عليها، تقرير خطير عن دولةٍ ما في العالم العربي (و هو مجرد مثال لحكام عرب حاليين وسابقين تم تصنيعهم.) لا أريدُ ولا أحب ولا أرغب في ذكر “الحاكم” أو بلده لأن كثيراً من الأجيال العربية نشأت على حبه واحترامه باعتباره ضد “السياسة الدولية”.لكي لا أُؤذي مشاعر أحد، يقول التقرير إن الزعيم الوطني الحقيقي في ذلك البلد العربي قال: البترول (ذكر جنسيته) لن يكون إلا للشعب (و ذكر جنسية الشعب أيضاً.)حسب التقرير الدولي، لم يرُق ذلك “للسياسة الدولية” وأيقنت أن ذلك الزعيم عربي قومي حقيقي ولا مجال لمساومته، فأمرت شخصاً (أصبح فيما بعد الزعيم) لذلك البلد، بأن يشكل فرقة لاغتيال ذلك الزعيم أي قالت له بمنطقها الشيطاني الذي كما قلنا يبزُّ الشيطان: “أكفر” أي اقتله فقتله. وعندما أصبح القاتل هو الزعيم وأخذت منه السياسة الدولية ما تريد ونشَّفته تماماً وكلياًّ، قالت له كما قالت للشاه “إني بريءُ منكَ” وتركته وحيداً يلقى حتفه، والأمثلة كثيرة.عاشت أجيال من العرب ومن المسلمين مغيَّبين عن حقائق كثير من القادة. الآن لم تعد الصورة، كما كانت بسبب وسائل التواصل الاجتماعي والتلفاز الفضائي وتزاحم المعلومات. لذلك على الحاكم أن يصطف إلى جانب شعبه وقضايا أمته حتى لو مات دونها. هنا فقط، يُنهي استشهادهُ في سبيل ربه وشعبه ووطنه دوره بشكل مشرِّف، ولعلَّ الملك فيصل بن عبدالعزيز مثالٌ على ذلك.