13 سبتمبر 2025

تسجيل

النقاشون على الماء

11 ديسمبر 2018

لم نكن ننتظر قرارات جدية من الاحتفالية التي شهدتها الرياض يوم الأحد الماضي تحت مسمى: قمة مجلس التعاون. ولم يكن أحدٌ يعتقد أنَّ الذين أشعلوا نيران الخلافات، وصنعوا الأزمات، وتمرغوا في وحول الفشل السياسي والأخلاقي، سيكفون عن رعونتهم السياسية وادعاءاتهم الجوفاء، لذلك، انصرف المجتمعون بعد التقاط الصور التذكارية دون أن يتركوا أثراً إلا الكلمة الطيبة لسمو أمير الكويت. ❶ تصريحات الجبير: في ختام الاحتفالية، خرج وزير خارجية السعودية عادل الجبير بتصريحات تُثبت أنه بحاجة ملحة لدورات مكثفة في التحليل السياسي والسلوك الدبلوماسي. فالرجل لم يزل يعتقد أنَّ دول الحصار ذات تأثير يؤهلها لفرض شروط على بلادنا، ولا يريد أن يفهم أنَّ بلادنا ليست بحاجة لمجلس تعاونٍ يعاني من سكتةٍ سياسيةٍ، وشللٍ إداري، وعُصابات نفسية قهرية ليكون لها دورٌ ومكانةٌ في محيطها العربي. ولا يحاول أن يرى الحقيقة التي تخبره أنَّ الحصار كان باباً واسعاً لخروجنا من ظلال تخلفهم السياسي والحضاري، وبدايةً لانطلاقة جديدة في مسيرتنا لبناء الإنسان ودولة المؤسسات والحريات. وإذا أراد الوزير والذين يديرونه ويوجهونه خيراً لمجلس التعاون، فعليهم الاستجابة لمبدأ تميم في الحوار حول كل القضايا على قاعدة احترام السيادة، والكفِّ عن التهديدات الفارغة، والاعتذار لشعبنا. أما الحديث عن شروط دول الحصار فقد تجاوزناه منذ زمن بعيد، ولن نقبل بإضاعة وقتنا في جدال بيزنطي هدفه تمويل مغامراتهم البائسة في اليمن وليبيا ومصر وباقي دولنا العربية التي تعاني جراء سياساتهم الرعناء. ❷عبد اللطيف الزياني: ونحن، هنا، لا نتحدث عنه بصفته الشخصية، وإنما بصفته الاعتبارية كأمين عام لمجلس التعاون يمثل دول المجلس وشعوبها. فقد جلس إلى جوار عادل الجبير خلال المؤتمر الصحفي، وكأنه موظف صغير في إدارة تابعة للرياض وأبوظبي، تنحصر مهمته في تبرير سياساتهما الرعناء، فلم يرد على تصريحات الجبير بكلمةً حيادية عامة يدعو فيها للحوار والحفاظ على مجلس التعاون، وإنما صمت طوال المؤتمر وكأنه يقول إن مجلس التعاون هو شركة مساهمة تدير الرياض مجلس إدارتها، وتضع أبوظبي سياساتها، وليس للأعضاء الآخرين إلا الطاعة والتنفيذ. وبالطبع، فإن ذلك لا يعني إلا أن المجلس بحاجة لتغيير جذري في نظامه الأساسي قبل الحديث عن الحفاظ عليه ليظلَّ مطيةً للرياض وأبوظبي، وستاراً تخفيان وراءه العبث بمصائر الدول والشعوب استجابةً للمشروع الصهيوني في عالمنا العربي. ❸ قرقاش والمزروعي ودحلان: بعد حضور عبد اللطيف الزياني إلى الدوحة حاملاً دعوة العاهل السعودي لحضور احتفالية قمة الرياض، انتظرنا أن تتوقف الحملات الإعلامية ضد بلادنا، قيادةً وشعباً، قبل وخلال الاحتفالية على الأقل، لكن أبوظبي والرياض لم تقبلا بالخروج من مستنقع خطاب الكراهية الذي يؤكد أننا، كقطريين، لا نواجه حالةً من الخلاف السياسي، وإنما نواجه مخططاً يستهدف سيادة بلادنا وشعبها وحاضرها ومستقبلها. فأنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، استمر في تثاقفه وتهجمه على بلادنا في تغريدات تثير السأم لتفاهتها وانعدام الحسِّ السياسي فيها. وحمد المزروعي، المقرب من ولي عهد أبوظبي، تابع نشاطه في عالم الانحطاط الأخلاقي والإنساني، فأخذ يغرد كالمهووس بعبارات مبتذلة يعفُّ عنها الكرام، وهو يتعرض بالإساءة لبلادنا. ثم خرج محمد دحلان، العنكبوت الصهيوني السام الذي يعشش في أبوظبي، على شاشة قناة العبرية التي تملكها السعودية، ليهاجم بلادنا بصورة تُبين مدى أحقاد المتصهينين العرب علينا، وليضع الخطوط العريضة لمستقبل السعودية ومصر، وكأنه يقول إنه هو الذي يحدد ما ستكون عليه الأمور في البلدين وكل المنطقة، وأنه هو الذي يدير البوصلة السياسية لتشير إلى الاتجاه الذي يرغب فيه. وخلف هؤلاء الثلاثة، انطلق الذباب الإلكتروني السعودي الإماراتي من حظائر الانحطاط التي يعيش فيها ليشن حملات متلاحقةً على بلادنا وكل العرب والمسلمين، تحت شعارات السعودية (العظمى). وهنا، نسأل الذباب والذين يديرونه: هل هي عظمى بالتزامها بالإسلام؟ أو بديمقراطيتها وحقوق الإنسان فيها؟ أو بنتاجها الفكري والعلمي والصناعي؟ أو بوقوفها بصلابة ضد الكيان الصهيوني؟.