10 سبتمبر 2025

تسجيل

حتماً ستسقط الأقنعة

11 ديسمبر 2012

تعرضنا لمواقف مختلفة تنجبها الحياة كل لحظة حقيقة واردة لا غنى لنا عنها، فهي هذه طبيعتها التي يجدر لها بأن تكون عليه؛ كي نخرج منها بجديد كل مرة فيبدو لنا الأمر وكأننا نكتشفها ونتعرف عليها أكثر وأكثر، وهو ما يتيح لنا وفي المقابل حق التعرف علينا وعلى من يشاركنا الحياة؛ لذا يجدر بنا بأن نتقبل هذه المواقف، التي وإن قلبتنا وقلبت حياتنا رأساً على عقب، إلا أنها لن تضرنا بتاتاً، ولكنها ستكشف لنا ما لم ندركه لنتداركه قبل أن يمضي بنا الوقت ونحن كما نحن، ولم نكن لننجز أي شيء مما كنا نطمح إليه وإن كان ذلك على صعيد (الحياة الاجتماعية) لا العلمية أو العملية فحسب. إن المواقف هي ذاتها تتكرر معنا جميعنا وإن اختلف الزمن، ولكنها تخضع لردود مختلفة نحددها ونقررها نحن، وهو هذا ما يجعلها تبدو مختلفة، وفي نهاية المطاف لن نجني إلا ما قد كُتب لنا بأن نخرج به من المقام الأول. أحبتي لقد تحدثت هذا اليوم عن المواقف التي تمر بنا، ونتعامل معها ونعالجها وهو ما لا يُعد جديداً؛ فهو ما سبق وأن تحدثت عنه، لكن تكمن الحكمة من إعادة فتح هذا الملف، في حاجتنا إلى التأكيد على أن المواقف تكشف البشر ممن حولنا ومن قبلهم نحن، فكم هي حاجتنا إلى التعرف على قوتنا وقدرتنا على التحمل أمام كل تلك المصاعب التي ولربما قد تواجهنا؛ لتختبرنا وتدرك ما نحن عليه، وما نملكه منا، ولا يظهر إلا في (وقت الشدة)، الذي يكشف لنا أيضاً حقيقة المعادن، والمعادن الحقيقية التي ترافقنا وقت الحاجة فقط؛ لتمتص منا حاجتها كل مرة، حتى ومتى فرغت شعرت بالفراغ معنا، وفرت وجهها نحو أقرب فرصة يمكن بأن تحقق لها ما تريد، وللأسف تظل كذلك حتى تحصد كل ما تريده وما سيجعلها تصل إلى غايتها، وهي تلك التي لا ولن تهمنا؛ لأنها غاية خاصة بهم ونفعها كذلك، أي أنه ما لن يعود بالفائدة على أي أحد سواهم؛ لذا وحين تتكالب الظروف وسط جملة من المواقف التي تحط علينا فلا يجدر بنا بأن نتذمر، بل يجدر بنا بأن نسعد؛ لأن هذه المواقف هي من سَتَنفُض الصحبة؛ لينفض من حولنا من لا يمت إليها بصلة ويفر بعيداً، وحين تفعل تلك المواقف كل ذلك، حتماً ستسقط الأقنعة، التي تخفي من تحتها كل قبيح لن يحتمله القلب، وهو ما قد يجعلنا نفكر في كل ما أقدمنا عليه وقدمناه بقلب مُحب ومخلص؛ لنسأل: هل العيب منا ونحن من كنا نبادر ونعطي وبكل صدق؟ أم أن العيب منهم وهم من لا يدركون معنى العطاء الحقيقي؟ ويكفي بأن نجيب بالتالي: أن ما نقدمه يحثنا عليه الواجب ويبرره الالتزام، يُلزمنا بأن نواصل عليه، ليس لتأكيد (الضعف) الذي لا يحق له بأن يُنسب إلينا أبداً، ولكن لتأكيد الأصالة التي نتمتع بها، ويفتقدها غيرنا؛ لأننا ومتى تقاعسنا عن الواجب؛ لنقابلهم بما نعتقد بأنهم يستحقونه؛ لأصبحنا مثلهم، دون أن يفرقنا عنهم أي شيء، مما يعني أن هذا الوضع وإن استمر؛ لفقدنا جمال ما نملك، ولأصبح كل شيء أقبح مما يمكن بأن نتصوره. وأخيراً يكفي بأن ندرك بأن الدنيا لازالت بخير؛ لأننا وإن فعلنا لأصبح لدينا ما سيدفعنا ويدفع بنا؛ كي نستمر بما نفعله دون أن نحتاج لأي مقابل، ودون أن نتوقعه ذاك المقابل، الذي لن يفيدنا توقعه بشيء سوى أنه سيجعلنا نحسب ونُحاسب كل ما نقوم بفعله وسط (حالة من الترقب) ستحصرنا بزاوية واحدة لن نخرج منها إلى ما ينتظرنا خارجها، وهو ما سيجعل الحياة تسري وتسير بنا دون أن ندرك ما قد خسرناه منها، وهو ما لا يجدر به بأن يكون؛ لأننا حتماً نملك ما يستحق بأن يُكشف ويُعرف؛ لذا فلنترك المواقف تكون، والقرارات تُتخذ، والأقنعة تسقط؛ لتظهر الحقيقة، وندرك المعادن، فنعرف البقية، وعلى رأس القائمة (ما نحن عليه).