29 أكتوبر 2025
تسجيلافتتح حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله يوم الثلاثاء الموافق للثالث من نوفمبر الجاري افتتاح دور الانعقاد العادي الرابع والأربعين لمجلس الشورى، وتطرق للشأن المحلي وجميع ما يهم الوطن والمواطن بصراحته المعهودة في طرح القضايا التي تهم المواطن في المستقبل القريب وصولا إلى رؤية قطر 2030، وكذلك التطورات التي تُلقي بظلالها على المنطقة برمتها، ولم يكن غائبا عن سموه حفظه الله تأكيده وإصراره على سعي دولة قطر على إكمال مشروعات البنية الأساسية على الرغم من الظروف المالية التي نجمت من انخفاض أسعار البترول عالميا.. بالإضافة لحرصه على بناء دولة متقدمة توفر الرفاهية والعيش الكريم للمواطن القطري.. مع وجوب معرفة الحقوق والواجبات لكل مواطن ومسؤول على هذه الأرض الطيبة، كما أكد سموه على دور الشباب في مواصلة المسير في بناء الدولة والعمل بكل جهد وإخلاص حتى تتبوأ دولتنا الحبيبة المكانة التي تستحق، ولا نغفل تشديد سموه على محاربة الفساد المالي والإداري في قوله حفظه الله "ومن هذا المنطلق لن نتسامح مع الفساد المالي والإداري أو استغلال المنصب العام لأغراض خاصة، أو التخلي عن المعايير المهنية لمصلحة شخصية" وهنا يكمن تطور دولة المؤسسات وتقدم جميع القطاعات عندما يتم تغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية، ومن خلال ارتياح كثير من المواطنين عبر ما تم نشره في وسائل الإعلام المحلية، تجلّى للجميع تأكيد سموه على ما تحدث به في خطابه، وما يجري العمل عليه من قِبل رجالات الدولة في مناصبهم القيادية، وهي رسالة في الوقت نفسه بأن الأمور واضحة ومكشوفة للجميع، ولكن إعطاء الفرصة والتمكين للمسؤول من أجل قيامه بما يتوجب عليه، وأن يكون على قدر المسؤولية، وله فترة سيحاسب عليها كاملة لا على جزء منها، كما أنها رسالة أيضا بأن يقوم كل موظف بواجبه مهما كان حجمه وموقعه، فالجميع مسؤولون ومشاركون في تقدم الوطن ونمائه تحت القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله.وأكثر ما يدعو للارتياح هو ما حققه من دوافع ذاتية للمحاسبة؛ لأن الشفافية والوضوح أمر لا بد منه، والأجمل من كل ذلك أن هناك بعض المسؤولين يعتقد في قرارة نفسه أنه يستطيع إيهام الآخرين بأنه يقوم ويعمل ويعلم بكل شيء، وهو لا يعلم بأن القيادة وكل من حوله يعلمون بكل ما يقوم به، وقد تم منحه الفرصة كاملة حتى يعمل بعدها، يُحاسب على تقصيره أو استغلاله لمنصبه في تسهيل أموره الخاصة أو منفعته أو منفعة أحد أقاربه أو أصدقائه، إنْ وجدت طبعا.ومن المؤكد أن المسؤولين في قطاعات الدولة يحظون بالاحترام والتقدير من القيادة العُليا والشعب على مختلف المستويات، لكن كما تُبتلى المجتمعات بأفراد يجب عليها التعايش معهم، تُبتلى المسؤولية بشخصيات قد تكون غير قادرة على العمل بما هو مطلوب، ومع ذلك لا بد من مسايرته من باب إتاحة الفرصة وإعطائه الثقة كاملة في ما يوكل إليه من مهام؛ إلا أن القضية التي يجب أن ينتبه إليها أي مسؤول هي أن ما يقوم به ويعمل عليه يكون متداولاً بين مختلف فئات المجتمع، ويكون هناك نقاش حوله، سواء في مجالس المسؤولين الأكبر منه، أو من هم في مستواه، أو الأقل منه مسؤولية، والأهم من ذلك أن هذا الأمر يكون معروفاً بين منتسبي العمل الذي يُشرف عليه هذا المسؤول، فلا يحاول التشدق أمامهم بمعرفته ومتابعته لكل ما يدور في العمل، وفي حقيقة الأمر أنهم أكثر منه علماً وخبرة في هذا الشأن.وللأسف أن هناك مسؤولين يحاولون إيهام من يقابلهم ويعمل معهم بأنهم يعملون كذا ويقومون بكذا..، والأمرّ من ذلك تشدّقهم بأنهم يعملون ليل نهار على مشروع كبير وضخم، ويسعون إلى أنْ يرى هذا المشروع النور قريباً، لكنه لا يعلم أن تفاصيل هذا المشروع يعلم به الجميع ويعرفون القائمين عليه ويعملون معه، ومع هذا فإنهم تقديراً واحتراماً له ولمنصبه يتغاضون ويحاولون مسايرته قدر الإمكان، والسؤال الأبرز هنا: لماذا يتصرف هذا المسؤول هكذا وهو في موقع لا يستحق إلا التقدير والاحترام؟ لماذا يقلل من قدر نفسه بهذه الطريقة؟ هل هذا العمل الذي يعكف عليه "غيره" وينسبه إلى نفسه سيُغيّر من الواقع شيئاً؟!محاولة استغفال الآخرين وتمرير ما لا يمكن تمريره مضحك مبكٍ، مضحك لأن الأمر مكشوف أمام الآخرين، ومبكٍ لمحاولة الشخص رسم صورة غير واقعية لنفسه، متناسياً أن محاولة الاستذكاء أمر يعكس حالة الشخص المشتت، بل إن الاستغباء أنجح وأفضل من استذكائه، لأنه يدل على نضوج فكري وعدم التوقف والالتفات لما لا فائدة مرجوّة من تضييع الوقت عنده.الغبي هو من يفترض في الآخرين الغباء، نعم.. ومن يحاول إيهام الآخرين بعكس ما يدور على أرض الواقع يوهم نفسه فقط، وعليه أن يعرف أن هناك من يعرف ويتابع الأمور ومستجداتها وخطوطها الدقيقة والعريضة، ويعرفون ويدركون كل ما يتم، خاصة أننا وبفضل الله نتمتع بقيادة شابة ومتابعة حثيثة من قيادات الدولة لكل أمر يتم الإعلان عنه أو يتم تحويلها لجهات الاختصاص، وأن المداهنات وإن استمرت لبعض الوقت فلن تستمر طويلا، وأذكر هنا قصة الابن اليتيم مع والدته في الصحراء عندما قال لها: أنا أتناول وجبة العشاء مع الرجال في الظلام وآكل من اللحم وأمد يدي نحو ما أريد من اللحم "الخروف" دون أن يشعر بي أحد، قالت له والدته الحكيمة: يا ولدي، إنهم يرونك جميعهم ويغضون الطرف عنك لأنك يتيم، قال لها: يا أماه، والله إنهم لا يدركون ما أقوم به على الإطلاق، فقالت له: إذاً حاول أن تقلب السكين في وجبة العشاء القادمة وأنت تحاول قطع اللحم وستعرف إن كانوا يرونك أم لا، وفي المساء وبعد اكتمال الرجال على صحن العشاء أخذ الولد السكين وقام بقلبه وأوهمهم أنه يحاول أن يقطع من اللحم، فقال له أحد الرجال على الطرف الآخر من الصحن: يا ولد "السكين مقلوب" امسكه من الجهة الأخرى حتى تستطيع أن تقطع اللحم به، بعدها رمى الولد السكين ولم يقطع، وبعد الانتهاء من الوليمة رجع إلى أمه وأخبرها بالحادثة، فقالت له: يا بني، إن الغبي من يعتقد أن الآخرين أغبياء.. وسلامتكم