يا ليت عندي واسطة

لو كانت عندي واسطة كان راتبي ما زال على حاله مشحما وملحما، أو له أخوة بعدد أخوة سيدنا يوسف عليه السلام وليس مصابا بمرض الهُزال الشديد أو تنزلت عليَّ بركات بني البشر وجعلوني خبيراً حالي كحال الكثيرين ممن يستلمون رواتبهم كاملة أو مستشار، فما أكثرهم عندنا الخبراء والمستشارين في أي شيء لا نعلم. أو لي قريب يعمل في إحدى الوزارات كنت حصلت على عزبة بلمح البصر مع أبنائي كل واحد قطعة منذ سنين طويلة في أحسن الأماكن حالي كحال السواد الأعظم، لكن الظاهر الموافقة بعد ما نموت مثل التكريم الذي وأنت حي لن تراه. لو عندي واسطة كان أعطوني أرضاً بالمجان تسرح وتمرح فيها الخيل الجموح مثل الكثيرين وليست أرضا تقطعها السلحفاة ببضع دقائق. لو عندي واسطة كان أعطوني علاجاً في الخارج للعملية ولكن طلبي سافر إلى الخرامة ووصل بسلام إلى أقرب زبالة بينما هناك من صحته مثل صحة الثور اليافع وكل سنة يذهب للعلاج من أجل الراحة والاستجمام بالمجان، وأذكر أحدهم ظل سنين يُعالج على نفقة الدولة من أمراض الشيخوخة وبعد وفاته ترك عددا من المليارات، يا سبحان الله له في خلقه شؤون. ولو عندي واسطة لكانت المناصب عندنا وراثية حالنا كحال كثيرين، الأب ومن ثم من بعده أبناؤه بسبب سلالتهم الفريدة، كلها نوابغ وفلتة من فلتات هذا العصر لن يجود الزمان بمثلهم. ولو عندي واسطة لكنت عضواً في كثير من مجالس الإدارات بعدد أصابعي العلوية والسفلية ولو كان للمقابر مجلس إدارة لكنت فيه من باب الاسترزاق، ولبنيت بيتي القديم الذي أصبح كظهر المسن كله أوجاع وآلام، فلم يعد ينفع معاه العلاج المائي ولا الحراري ولا الرياضي ولا الدوائي إلا الهدم والقانون يحظر بناء بيت كبار الموظفين من جديد والمشكلة أكثرهم متقاعد وفي البيت قاعد ولسان حاله يقول اليد قصيرة والعين بصيرة والقانون عندهم نص قطعي نزل من السماء وليس من صنع البشر. ولو عندي واسطة لكنت حصلت على حقوقي كاملة بعد خدمة طويلة ولم يحرمني منها قانون قبل وقانون بعد الذي ضيع حقوق الكثيرين وذهب تعبهم هباءً منثوراً فبدل التكريم تخرج بخف حنين. وآخر الكلام ما سبق ذكره هو موجود في دول الخليج جميعاً وفي العالم العربي يعرفه الجميع وقد يكون هو سبب من ضمن أسباب عدم إخلاص البعض في مجال العمل عندما يرى غيره بهذه الصورة التي يراها بهذه السلبية ويحصل على أشياء لا يستحقها بينما الآخر لا يجد شيئا. [email protected]