18 سبتمبر 2025
تسجيليظهر الاقتصاد الكويتي مرونة خاصة في التعامل مع تداعيات انخفاض أسعار النفط، والتي بدورها انخفضت بمقدار النصف تقريبا منذ النصف الثاني لعام 2014. لا تشكل ظاهرة بقاء أسعار النفط منخفضة تحديا على المستوى القصير لكن قد يختلف الأمر بالنسبة للمستويين المتوسط والبعيد.مما لا شك فيه، لدى الكويت احتياطيات مالية كبيرة للتعامل مع أي نقص في الإيراد في المستقبل المنظور. فحسب معهد الثروات السيادية، تحتفظ الكويت بثروة سيادية قدرها 592 مليار دولار. على المستوى الخليجي والعربي، فقط لدى الإمارات والسعودية ثروة سيادية أعلى من الكويت.من جملة الأمور، تشير إحصاءات نشرت مؤخرا إلى تسجيل فائض، قبل التحويل للاحتياطي العام، قدره 11.5 مليار دولار في السنة المالية 15/2014 والتي انتهت في شهر مارس. يمثل هذا الرقم 7.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي منخفضا عن متوسط 24 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي والذي تم تسجيله في السنوات الخمس الماضية.يعود هذا التغيير إلى انخفاض حجم العائدات بنسبة 22 بالمائة مقابل ارتفاع النفقات بنحو 13 بالمائة خلال السنة المالية المعنية. ويلاحظ تعزيز مستوى المصروفات على الرغم من تراجع حجم الإيرادات الأمر الذي يعكس طبيعة خيارات الحكومة والبرلمان والمجتمع الكويتي. تتميز الكويت عن باقي دول مجلس التعاون ببدء السنة المالية بامتداد السنة المالية ما بين أبريل ومارس. تقليديا، كانت هذه هي السياسة المتبعة في قطر. والأهم من ذلك، يعرف عن الكويت تخصيصها جانبا من العوائد النفطية في حساب خاص لصالح الأجيال القادمة. تهدف هذه الممارسة النبيلة إلى ضمان عدم تمتع جيل معين بموارد البلاد على حساب أجيال أخرى. على المستوى العالمي، يعرف عن النرويج الاحتفاظ بالجانب الأكبر من العوائد النفطية للمستقبل. لا شك أنه لأمر لافت قدرة الكويت على تحقيق فوائض ضخمة في الموازنة العامة لمدة 15 سنة على التوالي لأسباب تشمل بقاء أسعار النفط مرتفعة لفترة زمنية غير قصيرة. ومع ذلك، هناك مهمة صعبة للحفاظ على هذا الزخم في خضم تحدي بقاء أسعار النفط منخفضة في السوق النفطية العالمية. تقديرات المتشائمين تتوقع تسجيل عجز في المالية العامة بدءا من عام 2017 لكن المتفائلين يؤجلون إمكانية حصول عجز مالي حتى 2021، كل هذا مع افتراض عدم حصول تغيير بالنسبة لطبيعة النفقات الحكومية.في الواقع، حصل المزيد من التعقيد بالنسبة للقطاع النفطي للكويت في الآونة الأخيرة بسبب توقف الإنتاج لفترة زمنية في حقل مشترك في المنطقة المحايدة الواقعة بين الكويت والسعودية. فقد انخفض إنتاج النفط بنسبة 1.4 بالمائة بسبب الإغلاق المؤقت لحقول النفط في المنطقة المحايدة في النصف الثاني من عام 2014.بلغ متوسط إنتاج النفط في الكويت 2.87 مليون برميل يوميا في عام 2014 منخفضا عن 2.93 مليون برميل يوميا في 2013. يعد قطاع النفط حيويا لرفاه الاقتصاد الكويتي كونه يساهم بنحو 90 بالمائة من إجمالي الصادرات و 80 بالمائة من إيرادات الدولة و 60 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي. يعتبر الاقتصاد الكويتي الأكثر اعتمادا وبالتالي الأقل تنوعا بين دول مجلس التعاون الخليجي وهذا ليس بأمر حسن.التحدي الآخر في هذا الصدد عبارة عن التضخم والذي ارتفع مؤخرا لأسباب محلية. وضع صندوق النقد الدولي معدل التضخم عند حد 3.3 بالمائة في يوليو 2015 مرتفعا عن متوسط 3 بالمائة في عام 2014. حدث هذا التطور بسبب ارتفاع إيجارات المساكن الأمر الذي يعكس طبيعة ونمو الطلب.في المحصلة، يمكن الزعم بأن التحدي المشترك للتضخم وانخفاض الإنتاج النفطي مسئول عن عدم تحقيق نمو فعلي للناتج المحلي الإجمالي في عام 2014. يعتقد صندوق النقد الدولي بعدم تسجيل نمو فعلي للناتج المحلي الإجمالي في 2014. لا غرابة، بعض وليس كل التوصيات للإصلاحات الاقتصادية المطروحة من قبل الوكالات الدولية تحظى بشعبية. على سبيل المثال، فكرة الضرائب ليست مشهورة لدى الحكومة والبرلمان على حد سواء. في شهر سبتمبر، رفضت الحكومة اقتراحا من صندوق النقد الدولي لفرض ضرائب على الأرباح التجارية من جهة ورفع الدعم عن الخدمات العامة من جهة أخرى.في الواقع، تعتبر تكاليف مشاريع الدعم ضحمة في الكويت، حيث من المتوقع وصولها لنحو 18 مليار دولار خلال السنة المالية 16/2015. بل أن الدعم المقدم لقطاع الطاقة وحده غير عادي حيث يتوقع أن تفوق كلفته عن 7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2015. ويبدو بأن المسئولين يرون في وجود الدعم المتنوع المقدم للمواطنين من الأمور التي حمت الكويت وأبعدت عنها رياح الربيع العربي ما يعد خيارا استراتيجيا.بالنظر للأمام، يلاحظ تزايد قبول فكرة حصول شراكة بين القطاع العام والخاص لغرض إنشاء مشاريع في مجال البنية التحتية. تبلغ قيمة مشاريع البنية التحتية المطروحة في الكويت قرابة 36 مليار دولار .