10 ديسمبر 2025
تسجيليردد الكثير أننا في زمن المصلحة، وأن الناس لم تعد كما كانت على نيتها وسجيتها وتحب من قلبها، بل أصبح الكثير يتعامل معك حسب احتياجاته ومصالحه وأهوائه، وتغير مفهوم الصداقة كثيراً، بل وتكاد الصداقة تَندر في زمننا الحالي، سابقاً كانت الصداقات تتكون من خلال المدرسة أو الجامعة أو العمل والعلاقات الاجتماعية وربما ما زال كثير منا محافظا على علاقاته مع اصدقاء الطفولة أو الجامعة، أما أصدقاء العمل فأصبحوا نادرين، فنفوس معظم الناس تغيرت وطغت الانانية عليهم والبعض منهم لا يتردد في أذى زملائه أو اصدقائه من أجل مصلحته في الحصول على ترقية أم منصب، بل ويترصد البعض لأخطاء الغير وربما يؤلفون قصصاً يشوهون بها سيرة زملائهم من أجل التقرب للمديرين خاصة إذا كان المدير من ذلك النوع الذي يهوى (سوالف الحريم) ويفتح أذنه لكل قصة تصله وربما يأخذ قرارات تعسفية دون الرجوع للموظف أو الاستفسار منه، وكم من موظف ظُلم بسبب ذلك وحُجبت ترقياته ووضع في قائمة المُهمشين بسبب سوء الفهم وقلة وعي المديرين المتسرعين والذين يديرون مناصب قيادية أكبر منهم ولا يتمتعون بمهارات القيادة وفن التعامل مع الموظفين وإدارة الأزمات. تغير مفهوم الصداقة في عالم التواصل الاجتماعي، فساهمت الشبكات في تعزيز مشاعر الغيرة بين الاصدقاء، فكل منهم يود الشهرة على حساب الثاني، وأصبح التقليد هو السائد، والضرب من تحت الحزام ومحاولة التشكيك في نجاح الاخرين واحياناً نسب نجاح أحدهم له، والطامة الكبرى عندما يدخل المال بين الاصدقاء فتظهر الحقيقة الجشعة لأحدهم ونجد أنه لا يتردد في الاستفادة المادية والمعنوية لنفسه باستبعاد الاخرين ممن يشكلون خطراً عليه ليبقيهم خارج المنافسة، والبعض ممن يتملكهم الطمع والجشع قد يأكل حق الاخرين ويحرمهم من حقوقهم أو يبخسها، ولا يشعر بخزي بأكله مال الغير والذي يعتبر مالا حراما!. تستمر الصداقة هذه الأيام طالما هناك مصلحة متبادلة سواء في العمل الوظيفي أو الأعمال التجارية أو المصالح الشخصية الأخرى بمعنى الاستفادة مهما كان شكلها وبمجرد شعور الطرف (المصلحجي) بعدم الاستفادة فإنه ينسحب ولا ترى له اي تواصل ولا يذكرك حتى بالخير بل على العكس يحاول البعض منهم تشويه سمعتك وقد يؤذيك في أعمالك، ويظهر شكل اصدقاء المصلحة واضحاً إن كنت في منصب قيادي، فترى الناس تحوم حولك وتذكرك في كل المناسبات ويمتلئ هاتفك بالرسائل المهنئة والصباحات والمساءات، وكل يشتري ودك ويرسل لك الهدايا بمناسبة وأخرى، ويُعلق على تغريداتك ويتابع كل تحركاتك في شبكات التواصل الاجتماعي ويسعى لحضور مجلسك أو الاماكن التي تتردد عليها ولا يستحي من طلب خدمات منك لمصلحته أو لمصلحة أحد من عائلته وأنت بالنسبة له محور الكون، وبمجرد تركك لذلك المنصب يختفي من عالمك وتختفي معه الرسائل والاهتمام ولا يشكل حضورك وغيابك أي أهمية لديه، هذا هو المثال الحقيقي لصديق المصلحة!. بعض مُدّعي الصداقة يتقرب إليك ليدخل حياتك المثيرة لفضوله ويحاول بكل الطرق كسب ثقتك ومرافقتك في كل تفاصيلك والغوص فيها وعرض خدماته عليك ومعرفة كل شاردة وواردة ومحاولة الاستفادة من علاقاتك ولكنك لا تعلم إلا متأخرا بأنه ذو وجهين فالوجه الأول الصديق والاخ الحبيب الذي يبحث عن مصلحتك ويخشى عليك وهذا ما تراه، أمّا الوجه الثاني فهو الحسود الغيور الذي لا يتردد في إساءتك وطعنك من الخلف والذي يحاول نشر الإشاعات عنك وخيانة الامانة بالإفصاح عن خصوصياتك وتفاصيل حياتك واستغلالك، وهذا النوع من الاصدقاء سائد جداً للاسف وخبيث لأنك لا تكتشفه بسهولة وتحتاج لوقت طويل لاكتشافه خاصة إن كنت من النوع الطيب والنظيف ولا يحمل في قلبه خُبثا!. في عالمنا الحالي يجب عليك أخذ الحذر من الأصدقاء وفرزهم بعد معاينتهم بمجهر، فليس كل من تَقرب إليك يُعد صديقا وليس كل من عاشرك سنوات طويلة صديقا يؤتمن فالبعض تكتشف غدره بعد سنوات لأنه كان بارعاً في التمثيل ولأنه كان يستفيد منك بطريقة وبأخرى وبمجرد أن دخلت المنافسة معه في موضوع ما أو شكلت خطرا على مصلحته فسينسف سنوات الصداقة ويؤذيك!. • تكتشف الصديق الصدوق في المواقف، فليست السنوات الطويلة معياراً لصداقة حقيقية ولا الحب والعطاء والتعاطف إثباتا لصدق النوايا!.