14 سبتمبر 2025

تسجيل

الحلم العربي بين المحاكمات والمجازر

11 سبتمبر 2018

ما يجري من جرائم في سوريا واليمن، ومحاكمات في السعودية ومصر، هو المشهد الأخير لحلم الشعوب في حياة حرة كريمة في كثير من دولنا العربية. فهذا الحلم يقلق الكيان الصهيوني لأنه يعلم أن حرية الشعوب تعني التفاتها إلى فلسطين، ومطالبتها بدعم الأشقاء الفلسطينيين في مقاومتهم للاحتلال، ومطالبتهم بدولة عاصمتها القدس الشريف. كما أن إقامة شعوب دول الربيع العربي لنظم حكم ديمقراطية يقلق المستبدين الذين يخافون أن تطالبهم شعوبهم بإصلاحات حقيقية. لذلك دعموا الثورات المضادة، وزرعوا ميليشيات إرهابيةً في سوريا وليبيا واليمن لتبرير سياساتهم الخالية من روح الإنسانية والإسلام. ولنناقش الأجزاء الرئيسة في إخراج ذلك المشهد البائس. 1) المحاكمات في مصر: كان المشهد هزلياً في الجلسة التي حكم فيها بالإعدام على خمسة وسبعين شخصاً بقضية فض اعتصام رابعة. فمعظم المحكومين مسجونون منذ خمس سنوات دون أن يتمتعوا بحق واحد من حقوقهم القانونية والإنسانية، واستند الحكم عليهم إلى شهادات سرية من خصومهم الذين ارتكبوا أفظع جرائم القتل الموثقة ضد المدنيين الذين اعتصموا سلمياً في ميادين مصر رفضاً للانقلاب. أما القاضي، فلم يكن يعرف كيف يقرأ سورةً قرآنيةً استشهد بها تمهيداً للنطق بحكمه، مما يشير إلى حجم الخراب الهائل في القضاء المصري. إن النظام الانقلابي يقوم بالقتل في الشوارع والمحاكم لأنه ينفذ مخططاً خارجياً يهدف إلى الخضوع المطلق للنظام السيساوي ليستطيع الاستمرار في تهميش مصر وتمرير صفقة القرن الصهيونية.  2) المحاكمات في السعودية: فالعلماء والدعاة والمفكرون يحاكمون في جلسات سرية طالب فيها النائب العام بقتل بعضهم تعزيراً بتهم لا توصيف سليماً لها شرعاً وقانوناً، وإنما هي تهم تتعلق بأنشطة وأعمال مشرفة قاموا بها بمعرفة ورضا ودعم الدولة في عهود سابقة، كدعم ثورات الربيع العربي، وفضح معاناة الشعوب من أنظمتها الاستبدادية. والمستغرب في بعض التهم هو اتصالها بجانب إيماني كالخلافة التي هي جزء من صحيح العقيدة نصت عليه الأحاديث النبوية الشريفة واجتهادات العلماء عبر العصور. لقد خسرت المملكة قوتها الناعمة المتمثلة بالتفاف الشعوب حولها كحامية للعقيدة والديار المقدسة.  3) الحرب في إدلب: تقع هذه المحافظة في شمالي سوريا على الحدود الجنوبية لتركيا، وفيها ينتظر ثلاثة ملايين مواطن الموت والتشريد بحجة محاربة الجماعات الإرهابية المتواجدة بينهم، دون محاولة جادة لتجنيب المدنيين هذه المأساة الهائلة من خلال مفاوضات بضمانات دولية تتيح إلقاء معظم المقاتلين للسلاح تمهيداً لعزل المتطرفين ومحاربتهم. إن الحرب الهمجية التي ستشهدها إدلب تهدف إلى زعزعة تركيا بموجات نزوح جديدة صوبها، وإلى تقوية الإرهابيين من الانفصاليين الكرد الطامحين لتقسيم سوريا وإقامة كيان لهم في شمالها يعزل تركيا عن العالم العربي والإسلامي. 4) الحرب في الحديدة: عندما نتابع بدقة ما يجري في اليمن بعامة، و في الحديدة بخاصة، فسنلاحظ أن حياة ملايين اليمنيين هي أخر هموم التحالف الإماراتي السعودي والحوثيين في حربهما العبثية. فقد تم إفشال محادثات جنيف بشأن المدينة، وكأن المطلوب هو محرقة يقتل فيها عشرات الآلاف من المدنيين، ويشرد مئات الألوف منهم لينضموا إلى قائمة تضم ملايين البشر النازحين داخل بلدهم بلا مأوى وغذاء ودواء وتعليم. إن ما يجري في المدينة هو جزء من معاقبة الشعب اليمني على ثورته سنة 2011م، وليس محاربة الحوثيين كما يدعي البعض. 5) الفرعون الليبي: ليبيا تحت سيف العميل خليفة حفتر وميليشيات إجرامية متناثرة كالفطر السام بفضل مخططات إماراتية لا تريد للشعب الليبي أن يحقق ولو جزء صغير من مطالبه في دولة ديمقراطية حديثة. والطريف في أمر حفتر وداعميه هو توجههم لتهديد الجزائر بالحرب كما أعلن العميل قبل أيام. لذلك، ندعو الأشقاء الجزائريين للإعداد لمواجهة مخططاتهم، وعدم السماح لهم بتخريب بلد المليون شهيد. كلمة أخيرة: لا يعني قتل فرد أن أفكاره ماتت، بل ستبقى حيةً يتناقلها الناس ويبنون عليها أفكاراً أروع منها.