12 سبتمبر 2025

تسجيل

أزمة الهوية لدى المغتربين - 2

11 أغسطس 2024

عندما تلتقى ببعض العرب والمسلمين في الغرب وبالتحديد من قابلناهم في هيوستن وأمريكا بالذات ترتسم على وجوههم حيرة وشيء من القلق والتفكير العميق، فهم يكدحون طوال النهار حتى الساعة الخامسة عصرا ثم يتوجب عليهم الانتقال لبيوتهم من خلال خطوط المترو ومن ثم يتوجهون لسياراتهم المركونة في مواقف المترو للوصول للمنزل وكل هذا يستغرق أكثر من ساعتين خاصة إذا كان مقر العمل بعيدا عن السكن، ناهيك عما يسكن أنفسهم من القلق على أطفالهم وأبنائهم المراهقين الذين تركوهم في المنزل أو عند المربية المؤقتة، وتجري المرأة العاملة لتؤدي دورها كأم تجهز الطعام وترتب المنزل وتنهي كل أعماله، ولا تكاد تنتهي إلا وقد خارت قواها وداهمها النوم، لتبدأ مع دوامة اليوم التالي. وأكثر ما يربك الأمهات والآباء ما يتعلمه الأبناء في المدارس وما يكتسبونه من عادات تختلف عن عادات العرب والمسلمين بالإضافة إلى التوجهات المختلفة بيننا وبين الغرب، فهؤلاء الأمهات والآباء يحاولون بكل جهد أن يغرسوا في نفوس الأبناء المبادئ الإسلامية والعادات والتقاليد المستمدة منه وعدم محو هويتهم العربية والإسلامية، ولكن يصعب عليهم ذلك لضيق الوقت الذي يقضونه مع أبنائهم، والمحيط الذي يعيش فيه الأبناء طوال الوقت في المدرسة ومع الأصدقاء. وقد اشتكى بعض من نقابلهم من ضيق الوقت وعدم القدرة على التمتع بصحبة الأبناء والجلوس معهم لأن العمل يأخذ جل الوقت، لذا تراهم في شيء من الارتباك والتوتر الواضح على وجوههم. كما أن البعض يعاني من تمرد الأبناء وخروجهم عن طاعة الوالدين والتهرب من المسؤولية والتعلق بما هو موجود من عادات الغرب، لدرجة أن البعض منهم يحلم بالحصول على وظيفة في احدى الدول العربية أو الإسلامية حتى يحافظ على هوية الأبناء. ولقد صدمتنا إحدى الأخوات المسلمات التي تعمل في الفندق أنها لا تنتمي لأي دين ولا تعرف أي شيء عن الأديان السماوية رغم أنها بنت إحدى العائلات العربية المسلمة وجاء أهلها من سنوات إلى أمريكا وولدت فيها، ولكنها لا تعرف أي دين تنتمي إليه اللهم الا أنها تؤمن بأن هناك إلها واحدا فقط! وقد فوجئنا عندما قدمنا لها تهنئة بعيد الأضحى واستغربت لذلك فهو لا تعرف أي شيء عن هذا العيد ولا الحج ولا رمضان!. فقد أصبحت لا هوية تنتمي إليها ولا وطن تعرفه، كل ما تعرفه أنها تعمل لتنفق على أطفالها الذين تركهم والدهم بالطلاق. إن ما يحدث لهؤلاء المغتربين الذين لم يجدوا الأمن والأمان الوظيفي في أوطانهم فتعلقت بحبال واهية سرعان ما تهوي بهم، ولا يدرون إلى أين.