10 سبتمبر 2025

تسجيل

ما دون الشهادة الجامعية!

11 أغسطس 2020

مُنذُ فترة أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراراً بتفضيل المهارة على الشهادة الدراسية عند التعيين في الجهات الحكومية!. وهذا القرار قد يكون مزيجاً ما بين الإيجابية والسلبية نوعاً ما.. فقد تقع الإيجابية في إظهار المبدعين وأصحاب المهارات وإعطائهم الفرصة التي يستحقونها، أما من سلبيات القرار قد تكون في عدم حصول أصحاب الشهادات على وظيفة بسهولة في ظل منافسة لم تكُن متواجدة بدعم حكومي، فقد سبق هذا القرار وطُبق لدى الشركات الخاصة بتفضيل المهارات دون النظر إلى الشهادة الدراسية كشركات جوجل وأبل العالميتين. وإن أمعنا النظر في عالمنا العربي فسنجد بتوفيق من الله ومن ثم باهتمام القيادة العليا في دولة قطر أصبحت قطر في مصاف الدول الأولى في التعليم فهي وفق آخر إحصائية قد حصلت على المرتبة الرابعة عالمياً في جودة التعليم وهذا يدعو إلى الفخر. وهنا سنتطرق إلى مسألتين في شأن الشهادات الدراسية ما دون الجامعية مع التأكيد على أهمية العلم واستمرارية التعلم مدى الحياة. المسألة الأولى والمعنية بها وزارة التنمية الإدارية، نُشيد بالتعديلات الأخيرة التي تمت على قانون الموارد البشرية وإنشاء درجات مالية جديدة، والتي من أهدافها زيادة الأجر والتأثير المعنوي في تحفيز الموظف للاستمرارية في العطاء إلى سن التقاعد، كما عمل القانون على المساواة بين الموظفين في الزيادات السنوية وتحديد الدرجة المالية عند التعيين وفق الشهادة الدراسية وبناءً عليها تحديد سنوات الترقية البينية وكثير من الأمور الأُخرى التي تطرق لها القانون، ولكن هُناك ما يدعو إلى توقف حافز العطاء بخلاف هدف القانون الذي تم التعديل لأجله وهو إيقاف ترقية الموظف على درجة مالية مُعينة وفق شهادته الدراسية ونعطي مثالاً لذلك للإيضاح فالحاصل على الشهادة الثانوية العامة أو الحاصل على شهادة الدبلوم ما دون الجامعية يصل بحد أقصى إلى الدرجة المالية الخاصة ولا يترقى إلى الدرجة المالية الممتازة بسبب شهادته العلمية!. فما الحكمة من أن يمنع القانون الموظف الإداري من الوصول إلى درجة مالية معينة وفق شهادته الدراسية؟!، فإن في أصل القانون والسلم المالي المُستحدث كما ذكرنا هو تحفيز الموظف إلى مزيد من العطاء والترقي في سلم الترقيات إلى سن التقاعد إذا لم تكُن هُناك مخالفة قانونية ارتكبها الموظف خلال فترة عمله، فإذاً لماذا يتم تهميش وتعطيل محفزات الموظف للعطاء؟!. فعندما يسمح نظام الترقيات بسير الترقية لجميع الموظفين إلى الدرجة المالية الممتازة سيكون هذا حافزاً للعمل بشكل أفضل ولن يكون هُناك ظُلم لأصحاب الشهادات الأعلى، حيث حدد القانون سنوات الترقية البينية والدرجة المالية التي يُعين عليها الموظف عند التعيين، كما أن غالب الموظفين من أصحاب الشهادات ما دون الجامعية لن يصلوا إلى الدرجة المالية الأخيرة، حيث قد يصل الموظف إلى السن التقاعدية قبل الوصول إلى الدرجة الممتازة وفق سنوات ترقيته البينية، فهُنا ستكون على الموظف المسؤولية دون القانون إما أن يُكمل دراسته الجامعية أو يقبل بوضعه الراهن إلى سن التقاعد. أما المسألة الثانية فالمعني بها الجهات الحكومية في شأن الارتقاء إلى المناصب الوظيفية الإشرافية، نجد أن هُناك جهات حكومية قد فهمت مُعادلة الوظيفة الإشرافية والهدف من تلك الوظيفة، وعملت وفق ذلك المنهج بتعيين الموظف الأجدر في تلك الوظائف دون النظر إلى الشهادة الدراسية، وذلك عند تحقيق شرطين رئيسيين أن يكون على الدرجة المالية الرابعة فأعلى وفق القانون والشرط الآخر أن يكون من ذوي الكفاءة والإبداع وممن يعمل على الارتقاء بالإدارة وبجهة عمله إلى الأفضل. ولكن نجد في المقابل كثيراً من الجهات تمنع الموظف من ذلك، وتُفضل ترقية موظف جامعي إلى المنصب الإشرافي وإن كان غير مؤهل لاستلام هذا المنصب وذلك تفضيلاً من ناحية الشهادة العلمية فقط!. فكم من قصص رأيناها وسمعناها عن وجود موظف ذي كفاءة عالية وذي مهارات إبداعية وشخصية قيادية لم يظفر بالمنصب الإشرافي بسبب الشهادة!. ومن القصص المؤسفة أن نجد رؤساء مؤسسات على علم بأحقية حصول بعض الموظفين على المنصب الإشرافي ولكن يتم إبلاغه بأن العائق الوحيد الذي يمنعه هو شهادته العلمية ما دون الجامعية، فهُنا نرى انحراف الدفة عن مقصدها وهي اعتلاء الأجدر بالمنصب الوظيفي الإشرافي والذي من دوره تطوير العمل وخلق الإبداع والارتقاء بجهة عمله، وليس من مقاصد المنصب الوظيفي البرستيج وإظهار نوع الشهادة العلمية المُتحصل عليها للمجتمع، ورأينا كثيراً من حالات الفشل لإصحاب الشهادات والمتميزين عن غيرهم عند اعتلائهم للوظائف الإشرافية. إذاً أين الخلل؟، وإلى متى سيتم تجاهل تلك العقليات الفذة والمهارات والمبدعين؟، وإلى متى ستكون مقابلات العمل تتحدث عن الشهادة الدراسية وأولوياتها دون النظر والبحث عن مهارات وإبداع وأفكار المتقدم للوظيفة؟، وهل يعلم القارئ الكريم أن هُناك مبدعين ومخترعين قدموا لدولة قطر جوائز عالمية بإنجازاتهم وإبداعهم ويُشاد بهم إعلامياً ومجتمعياً وهم أصحاب شهادات علمية ما دون الجامعية!. وأخيراً الشهادة الدراسية مهمة وهي طريق لفتح العقول واكتساب خبرات وتنشيط العقول وتوسيع المدارك ولكن في ذات الوقت نحن نبحث عن التوازن وأن نضع صاحب الإبداع والتطوير في مكانه الصحيح الذي يستحقه دون منعه من المنصب الوظيفي، فهم أبناؤكم وإخوانكم فمدوا يد العون لهم ليثبتوا وينجزوا ولا يكُن العائق بسبب شهادة علمية فقط. @bosuodaa