15 سبتمبر 2025

تسجيل

صندوق التفاح

11 يوليو 2021

كلنا سمعنا قصة التفاحة الفاسدة التي تسببت بإفساد باقي التفاحات في الصندوق، طالما كانت تلك القصة تُضرب كمثال لانتقاء الأصدقاء ومن نتعامل معهم، ليكونوا صالحين، وإن كانت بهم عيوب لا تصل للفساد الأخلاقي والفكري حتى لا نتأثر بهم فتتأثر أخلاقنا بهم من خلال معاشرتهم. وأكثر ما تُحّرص عليه العائلات الصالحة الصحبة الخيّرة لأبنائها وتحذرهم من الفاسدين، لأنهم وإن تربوا تربية صالحة فكثرة الاحتكاك بالفاسدين قد تأثر فيهم فيسلكون نفس طريقهم ويتبعون سلوكياتهم الخاطئة، وقديماً كانت الشخصيات الفاسدة تُحَارب ويشير لها الكبار والصغار، ويُحّذر من التعامل معها، وتُستخدم كمثال للشر والفساد وسوء الأخلاق للنشء الجديد لتحذيرهم من إتباع صفاتهم وبيان العقاب الذي يواجه الفاسدين سواء نظرة المجتمع لهم أم عقاب الله الذي سيحل عليهم. ولكن تبدل الحال الآن رغم توارث قصة التفاحة الفاسدة ليومنا هذا، ولم يعد التعامل مع الفاسدين كما كان جريمة، ففسادهم أصبح أمراً عادياً، والكثير يعلم بأنهم فاسدون ومضرون في المجتمع، ولكن لا توجد يد من حديد تضرب هذا التمادي في الفساد وتوقفه قبل أن يستفحل، بل على العكس تتم تزكية التفاحة الفاسدة واستخدامها في أكثر من مكان وتعطى مسؤوليات مهمة وقد تفشل للأسف، كما أنها تقوم بالتأثير السلبي على كل من يحتك بها فيفسد الصندوق ومن به ويعم العفن وتفوح الرائحة الكريهة وتصل لكل الأنوف، والغريب أنه لا يتم استئصالها ولا التخلص منها إلاّ بعد فوات الأوان، وكأن المفاهيم الصحيحة تغيرت، وكأن مبادئ الأخلاق لم تعد كما كانت، وكأن قوانين العقوبات الإلهية تم تجاهلها تجاه الظلم والفساد، والسكوت عن الكلام الحق والاعتراف بالذنب والنصيحة وإصلاح ذات البين وأكل المال الحرام وشهادة الزُّور واستلام الرشاوى وعدم المحافظة على حقوق الآخرين وتدبير المؤمرات وإشاعة الكلام الباطل وتفضيل المصالح الشخصية ومعاملة الناس بفوقية والتفرقة العنصرية وغيرها من السلوكيات المرفوضة دينياً واجتماعياً، أما الآن للأسف هي متفشية ومعروف أصحابها ولكن يتم التغافل عنهم بل ومكافأتهم على طغيانهم وفسادهم أحياناً، وكأن الفساد هو مثال للصواب يُقتدى به، ليحصلوا على مواقع مهمة وليكونوا صنّاع قرار ويديروا مصالح الناس ويساهموا في نهضة البلد!. كم منكم حوله تفاحة فاسدة، وقضت أو في طريقها للقضاء على باقي التفاحات الصالحات؟، نتمنى أن ننعم بصناديق خالية من العفن لأن قطر تستحق الأفضل. ** غلطان من يعتقد أن فساده سيبقى مستتراً فمهما طال الزمن سيفضح الله أمره. ** "لم نُخلق للبقاء فاصنع لروحك أثراً طيباً يبقى من بعدك" نجيب محفوظ. [email protected] ‏@amalabdulmalik