18 سبتمبر 2025
تسجيلما زالت إسرائيل تماطل في الالتزام باستحقاقات التهدئة المبرمة مع المقاومة الفلسطينية منذ انتهاء العدوان الأخير على غزة الذي استمر لـ51 يوماً، وتقدم بين الفينة والأخرى على حماقات واستدراج لجر المنطقة لحرب مفتوحة، في الوقت الذي يتغاضى المجتمع الدولي ومنظماته ومجلس أمنه، عن جرائمها بل لا تفتأ الدول الكبرى عن مساندتها بالفيتو الذي يمنع حتى الاستنكار والإدانة.فبعد أن دمرت الآلة الحربية الإسرائيلية المدعومة غربيا قطاع غزة واستشهد 2200 وجرح ما يزيد على 10 آلاف آخرين، من الاطفال والرجال والنساء، وأزال الاحتلال البنية التحتية للقطاع، في حرب وقف العالم عاجزا بل أحيانا كثيرة متواطئا فيها، تأتي دولة الاحتلال لتعتقل 73 من الأسرى المحررين من صفقة "وفاء الأحرار"، والتي بموجبها أفرج عن الأسرى الأبطال مقابل إطلاق الجندي الإسرائيلي شاليط؛ لتثبت من جديد أن إسرائيل لا تقيم للمعاهدات ولا الصفقات وزنا طالما هي محصنة بالقوة والغرب خاصة القوى العظمى في العالم.وقد جاء موقف الفصائل الفلسطينية المقاومة ردا على هذا الصلف الإسرائيلي الذي لا يرعى عهدا ولا ذمة، وأعلنت أن أوراق معركة العصف المأكول واستحقاقاتها لا تزال مفتوحة وعلى رأسها ملف الأسرى في السجون الاسرائيلية، وأن دماء الشهداء وتضحياتهم العزيزة لن تذهب سدى، وستبقى هذه الدماء الطاهرة لعنة تطارد المحتل ومن وراءه، وأن الشعب الفلسطيني مصرّ على الصمود والعيش بكرامة كبقية شعوب العالم."لا حديث عن صفقة تبادل مع الاحتلال قبل الافراج عن اسرى صفقة "وفاء الاحرار".. هذا لسان حال استراتيجية المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال والتي أثبتت نجاحا مبهرا، وجاء تأكيدها الاخير متناغما مع التنعت الإسرائيلي تجاه قضية الأسرى، بعدما أعلن الاحتلال عن أسيرين تحتجزهما المقاومة، وفقدان جنديين آخرين، وكان الرد أنه لا حديث ولا حتى معلومة واحدة من المقاومة قبل الإفراج عن الأسرى المحررين، وهو ما يضع العدو الإسرائيلي في مأزق داخلي وخارجي، والحق أن هذه اللغة؛ هي القادرة وحدها على إلزامه بمراجعة مواقفه تجاه الفلسطينيين.لقد لقنت المقاومة الفلسطينية العدو الإسرائيلي ومعاونيه درسا مهما في الصمود البطولي حربا وسلما، ولاعبته سياسيا ومازالت تدير المعركة معه بحنكة وذكاء بعد تخاذل كثير من الأنظمة العربية عن الاضطلاع بدورها التاريخي بل وتواطئها أحيانا معه في حصار الفلسطينيين.إن استراتيجية أسر الجنود الإسرائيليين، والمدعومة في الوقت نفسه باستراتيجية سياسية تفاوضية، كفيلة بإرغام الاحتلال الإسرائيلي على الاعتراف بحقوق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس والاعتراف بحق العودة، وتحرير الأسرى الأبطال.